“نداء بوست”- عواد علي- بغداد
أغلقت المحاكم العراقية، اليوم الثلاثاء، أبوابها تنفيذاً لقرار مجلس القضاء بتعليق أعماله.
وقال مصدر قضائي: إن “المحاكم في بغداد وباقي المحافظات، بدأت عملية إيقاف عملها بعد بيان مجلس القضاء الأعلى، وتخرج المراجعين فيها بشكل تدريجي لتوقفها عن العمل بشكل كامل لإشعار آخر”.
وفي وقت سابق من اليوم قرر مجلس القضاء الأعلى تعليق أعماله في كافة مفاصله في العراق، على خلفية اعتصام أنصار التيار الصدري امام بوابته.
وذكر المجلس، في بيان، أنه “اجتمع مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا حضورياً والكترونياً، صباح يوم الثلاثاء الموافق 23 /8 /2022، على إثر الاعتصام المفتوح لمتظاهري التيار الصدري أمام مجلس القضاء الأعلى للمطالبة بحل مجلس النواب عبر الضغط على المحكمة الاتحادية العليا لإصدار القرار بالامر الولائي بحل مجلس النواب، وارسال رسائل تهديد عبر الهاتف للضغط على المحكمة”.
وأضاف: “لذا قرر المجتمعون تعليق عمل مجلس القضاء الأعلى والمحاكم التابعة له والمحكمة الاتحادية العليا احتجاجاً على هذه التصرفات غير الدستورية، والمخالفة للقانون، وتحميل الحكومة والجهة السياسية التي تقف خلف هذا الاعتصام المسؤولية القانونية إزاء النتائج المترتبة على هذا التصرف”.
وكان أنصار التيار الصدري، قد قاموا صباح اليوم بنصب سرادق ومنصة الاعتصام قرب مبنى مجلس القضاء الأعلى، في تطور جديد للتصعيد طال السلطة القضائية بعد السلطة التشريعية، وبدأت أعداد المعتصمين تتوافد وتتزايد وسط إجراءات أمني واسعة.
وحمل المعتصمون شعارات تطالب بتنفيذ دعوة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر لحل مجلس النواب العراقي، تمهيداً للمضي في إجراء انتخابات تشريعية مبكرة في العراق، كما طالبوا بفصل الإدعاء العام عن مجلس القضاء الأعلى مع التعديل.
وفي السياق، أكد التيار الصدري، اليوم، أن العصيان المدني سيكون أحد خياراته خلال المرحلة المقبلة.
وقال قيادي في التيار، طلب عدم ذكر اسمه، لحد المواقع الإخبارية: إن “التيار الصدري سيبقى يصعّد من الاحتجاجات الشعبية لحين تحقيق مطلب حل مجلس النواب، وتحديد موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة، ولا تراجع عن هذا التصعيد إطلاقاً، والتصعيد سيكون بشكل تدريجي”.
وأصدرت محكمة تحقيق الكرخ الأولى في بغداد، اليوم، إجراءات قانونيةً بحق قائد الفرقة الخاصة بعد محاصرة المتظاهرين لمبنى القضاء.
وقال مصدر قضائي: إن “محكمة تحقيق الكرخ الأولى اتخذت الإجراءات القانونية بحق الفريق حامد مهدي عبد العزيز قائد الفرقة الخاصة، والعميد عمار عبد الزهرة عبد الحسين آمر لواء 56 “لإخلالهما بواجبات وظيفتهما”.
وأضاف: أن “ذلك يأتي بعد السماح لجهات خارجة عن القانون بمحاصرة مبنى مجلس القضاء الأعلى”.
وعيد صعيد متصل، أصدر دار الإفتاء العراقية، اليوم، بياناً حول الاحداث الجارية أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى باعتصام أنصار التيار الصدري.
وذكر البيان أن “تعليق عمل مجلس القضاء الأعلى والمحاكم يُعتبر حادثةً ليس لها سابقة، وهي صفارة إنذار لحرب ينتظر فرصتها السفهاء من الناس، والواجب على الحكومة تأدية واجبها فوراً وحماية القضاء والقضاة، ونحمل الحكومة المسؤولية الكاملة”.
وفي وقت سابق من اليوم، أصدر صالح محمد العراقي، المعروف بـ”وزير الصدر”، بياناً جديداً بشأن تظاهرات التيار الصدري الأخيرة أمام مجلس القضاء الأعلى قال فيه: “ما إن تشتدّ حدّة الاحتجاجات ضدّ الفاسـدين.. فإنهم يسارعون مستنجدين بسماحته، لكن سماحته، ومنذ يومين قرر عدم التدخل مطلقاً”.
وأضاف: أنه “لإستمرار ثورة عاشوراء على عفويتها.. فإن الصدر قد يأمر مستقبلاً بتعليق عمل اللجنة المشرفة على الاحتجاجات (جزاهم الله خير جزاء المحسنين) مقابل تعليق القضاء والمحاكم عملها، وإلا فإنه من المعيب أن يعلّق القضاء والمحاكم العمل من أجل إنهاء ثــورة إصلاحية، ولا تعلّق أعمالها من أجل استنكار فــساد مستشري إذا لم تستطع محاكمة الفاسـدين من جميع الأطراف”.
من جهته، حذر رئيس الجمهورية برهم صالح من أن البلد يمر بظرف دقيق يستوجب توحيد الصفوف.
وقال، في بيان: إن “تطورات الأحداث في البلد تستدعي من الجميع التزام التهدئة وتغليب لغة الحوار، وضمان عدم انزلاقها نحو متاهات مجهولة وخطيرة يكون الجميع خاسراً فيها، وتفتح الباب أمام المُتربصين لاستغلال كل ثغرة ومشكلة داخل بلدنا”.
وأضاف: أن “التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي حق مكفول دستورياً، ولكن تعطيل عمل المؤسسة القضائية أمر خطير يهدد البلد، وينبغي العمل على حماية المؤسسة القضائية وهيبتها واستقلالها، وأن يكون التعامل مع المطالب وفق الأطر القانونية والدستورية”.
وأشار صالح الى أن “البلد يمر بظرف دقيق يستوجب توحيد الصف والحفاظ على المسار الديمقراطي السلمي الذي ضحى من أجله شعبنا، ولا ينبغي التفريط بها بأي ثمن، والعمل على تجنّب أي تصعيد قد يمس السلم والأمن المجتمعيين”.
وفي السياق، أصدر مجلس القضاء الأعلى، اليوم، أمر قبض بحق النائب المستقيل عن التيار الصدري غايب العميري بتهمة التحريض ضد قتل القضاة.
وذكر بيان للمجلس أن “محكمة تحقيق الكرخ أصدرت مذكرة قبض بحق المدعو غايب العميري عن جريمة التحريض على قتل القضاة، وتمنع سفره، وتطلب من الأجهزة الأمنية سرعة تنفيذه”.
جاء ذلك على إثر تغريدة متداولة قال عنها غايب العميري إنها “مزورة”، في حين أكد مدونون نشر التغريدة على منصة “تويتر” إلا انها سرعان ما جرى حذفها.
وفي السياق، أيضاً، دعا حزب “الدعوة الاسلامية”، اليوم، الحكومة إلى تحمل مسؤولياتها إزاء الاعتصامات أمام مجلس القضاء الأعلى.
وقال الحزب، في بيان: إن ” الاعتداء على المؤسسسات القضائية خرق للدستور، وعلى الحكومة تحمل مسؤلياتها في حمايتها وحفظ هيبتها”.
وتابع: “كفل الدستور العراقي للمواطنين حق التظاهر السلمي للتعبير عن الرأي وتحقيق مطالبه المشروعة، مع الحرص على حماية المؤسسات القضائية واستمرارها في أداء مهامها كافة باستقلالية تامة. والمؤسسات القضائية تتمتع بالاستقلالية، وينبغي أن تبقى بمنأى عن الخلافات السياسية، وضرورة عدم الزج بها في تلك الخلافات”، مبيناً أن “الاعتداء عليها هو خرق صارخ للدستور والقوانين النافدة”.
وقبل ذلك، أصدر ما يسمى بـ”الإطار التنسيقي”، اليوم، بياناً غاضباً بعد اعتصام التيار الصدري أمام مجلس القضاء الأعلى، معلناً عن رفضه لأي حوار مباشر مع التيار الصدري.
وقال: إنه “يعلن ادانته الكاملة للتجاوز الخطير على المؤسسة القضائية، وتهديدات التصفية الجسدية بحق رئيس المحكمة الدستورية، ويطالب كل القوى السياسية الوطنية المحترمة، وكذلك الفعاليات المجتمعية إلى عدم السكوت، بل المبادرة إلى إدانة هذا التعدي”.
وعبر عن “رفضه استقبال أي رسالة من التيار الصدري، أو أية دعوة للحوار المباشر إلاّ بعد أن يعلن عن تراجعه عن احتلال مؤسسات الدولة الدستورية، والعودة إلى صف القوى التي تؤمن بالحلول السلمية الديمقراطية”.
وحمل “الإطار” “الحكومة كامل المسؤولية للحفاظ على ممتلكات الدولة وأرواح الموظفين والمسؤولين، خصوصاً السلطة القضائية التي تُعتبر الصمام الوحيد الذي بقي للعراق نتيجة تسلط قوى خارجة عن الدولة على المؤسسات، وفرض إرادتها خارج سلطان الدولة”.
وعلقت بعثة الأمم المتحدة في العراق “يونامي”، اليوم ، على اعتصام أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمام مجلس القضاء الأعلى.
وقالت البعثة في تغريدة عبر “تويتر”، تابعها “نداء بوست”: إن “الحق في الاحتجاج السلمي عنصر أساسي من عناصر الديمقراطية، ولا يقل أهميةً عن ذلك التأكيد على الامتثال الدستوري واحترام مؤسسات الدولة”.
وتابعت: “يجب أن تعمل مؤسسات الدولة دون عوائق لخدمة الشعب العراقي، بما في ذلك مجلس القضاء الأعلى”.
وقطع رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، اليوم، زيارته إلى جمهورية مصر العربية، وعاد إلى بغداد لمتابعة تطورات الأوضاع، محذراً من أن تعطيل عمل المؤسسة القضائية يعرّض البلاد إلى مخاطر حقيقية.
وقال مكتب الكاظمي، في بيان، اطلع عليه “نداء بوست” أيضاً: إن “الأخير قطع، صباح اليوم، زيارته إلى جمهورية مصر العربية، وعاد إلى بغداد، إثر تطورات الأحداث الجارية في البلد، ولأجل المتابعة المباشرة لأداء واجبات القوات الأمنية في حماية مؤسسات القضاء والدولة”.
وحذر الكاظمي، وفق البيان، من أن “تعطيل عمل المؤسسة القضائية يعرّض البلد إلى مخاطر حقيقية”، مؤكداً أن “حق التظاهر مكفول وفق الدستور، مع ضرورة احترام مؤسسات الدولة للاستمرار بأعمالها في خدمة الشعب”.
وطالب الكاظمي “جميع القوى السياسية بالتهدئة، واستثمار فرصة الحوار الوطني للخروج بالبلد من أزمته الحالية”، داعياً إلى “اجتماع فوري لقيادات القوى السياسية من أجل تفعيل إجراءات الحوار الوطني، ونزع فتيل الأزمة”.
من جهته، دعا رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي إلى الاحتكام للدستور لخروج البلد من الأزمة الخانقة، فيما أكد أن العملية السياسية والدولة تتجهان نحو فقدان الاعتراف الدولي.
وقال الحلبوسي في بيان: “سبق وأن اشتركنا في انتخابات نهاية العام الماضي بعد احتجاجات شعبية طالبت بتغيير الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة.
وأضاف: “كان هدفنا هو إصلاح الأوضاع، وإعطاء مساحة للقوى الناشئة في المشاركة السياسية، وأن تأخذ دورها في صناعة القرار السياسي داخل مجلس النواب، وإضافة استقرار للعمل السياسي، وإجراء إصلاحات حقيقية عبر المؤسسات الدستورية”.
وتابع: “للأسف ما وصلنا إليه اليوم هو تراجع أكثر ممّا كنا عليه سابقا، من خلال تعطيل المؤسسات الدستورية (مجلس نواب معطّل، مجلس قضاء معطّل، حكومة تسيير أعمال).
وذكر: “يجب أن نحتكم جميعاً إلى الدستور، وأن نكون على قدر المسؤولية لنخرج البلد من هذه الأزمة الخانقة التي تتجه نحو غياب الشرعية، وقد تؤدي إلى عدم اعتراف دولي بكامل العملية السياسية وهيكلية الدولة ومخرجاتها”.
كما علّق الحلبوسي، في وقت سابق من اليوم، على اعتصام أنصار التيار الصدري، في تغريدة عبر “تويتر”، قائلاً: “ندعم التظاهرات وفق السياقات القانونية والدستورية، وبما يحفظ الدولة ومؤسساتها ويحمي وجودها”.
واستدرك بقوله: “ولكن لا ينبغي أن تكون خصومتنا مع القضاء الذي نحتكم إليه جميعاً إذا اختصمنا”.