نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
صدرت في الأردن، الإرادة الملكية بالموافقة على توصية المجلس المشكَّل بموجب قانون الأسرة المالكة، بتقييد اتصالات الأمير حمزة وإقامته وتحرُّكاته، التي رفعها المجلس للملك عبدالله الثاني منذ الثالث والعشرين من شهر كانون الأول/ ديسمبر 2021.
ووجَّه العاهل الأردني، في هذا السياق، وبعد إصداره إرادة ملكية توافق على توصية المجلس، رسالة للأسرة الأردنية الواحدة، معبّراً فيها عن أمله “بطيّ صفحة مظلمة في تاريخ بلدنا وأسرتنا”. الملك قال في رسالته إلى شعبه: إنه اختار، بعد كشف تفاصيل قضية “الفتنة” العام الماضي، التعامل مع أخيه الأمير حمزة في إطار العائلة، “على أمل أن يدرك خطأه ويعود لصوابه، عضواً فاعلاً في عائلتنا الهاشمية”.
ويؤكد العاهل الأردني في الرسالة أن أخاه، وبعد عام ونيّف من “الفتنة”، “استنفد كل فرص العودة إلى رشده والالتزام بسيرة أسرتنا، فخلصت إلى النتيجة المخيبة أنه لن يغير ما هو عليه”. وقال: إن أخاه يعيش في أوهام يرى فيها نفسه “وَصِيّاً على إرثنا الهاشمي، وأنه يتعرض لحملة استهداف ممنهجة من مؤسساتنا”.
ومما جاء في الرسالة: “ما يزال أخي حمزة يتجاهل جميع الوقائع والأدلة القاطعة، ويتلاعب بالحقائق والأحداث لتعزيز روايته الزائفة.
وللأسف، يؤمن أخي حقاً بما يدعيه. والوهم الذي يعيشه ليس جديداً، فقد أدركت وأفراد أسرتنا الهاشمية، ومنذ سنوات عديدة، انقلابه على تعهُّداته وتصرُّفاته اللامسؤولة التي تستهدف بثّ القلاقل، غيرَ آبِهٍ بتَبِعاتها على وطننا وأسرتنا.
فما يلبث أن يتعهد بالعودة عما هو عليه من ضلال، حتى يعود إلى الطريق التي انتهجها منذ سنوات؛ يقدم مصالحه على الوطن بدلاً من استلهام تاريخ أسرته وقِيَمها، ويعيش في ضيق هواجسه بدلاً من أن يقتنع برحابة مكانته ومساحة الاحترام والمحبة والعناية التي وفرناها له، يتجاهل الحقائق، وينكر الثّوابت، ويتقمص دور الضّحية”.
الملك كشف في رسالته أن أخاه طرق أبواب سفارتيْن أجنبيتيْن مستفسراً عن إمكانية دعم بلديهما في حال ما وصفه بحدوث تغيير في الحكم.
واستعرض مختلفَ ما قام به أخوه خلال الفترة الماضية: ادّعاءه وقوعه وأفراد أسرته الصّغيرة ضحيّة استهداف لسنوات عديدة، وخروجه عن تقاليد الأسرة الهاشمية والقِيَم الأردنية.
و”أساء لمكانته كأمير هاشميّ حين خرق أبسط مبادئ الأخلاق وحرمة المجالس بتسجيله لوقائع لقائه مع رئيس هيئة الأركان سراً، ليرسله فوراً إلى باسم عوض الله”.
“التّشهير بالأردن سبيلاً لكسب الشّعبية وإثارة المشاعر والاستعراض”
وخلص العاهل الأردني في نهاية رسالته إلى نتيجة مفادها أنه لا أمل يُرجى أن يصلح أخوه من نفسه أو يغيّر من نهجه، ما دفعه للموافقة على توصية المجلس فـ”إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ”، و”إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ”.
يقول الملك في الرسالة:
“بعد استنفاد محاولات التّعامل مع كل ما ورد من أخي حمزة في إطار الأسرة، وعبر النّصح والحوار الأخويّ والأسريّ، لا أرى الآن بُدّاً من القيام بما تمليه عليَّ الأمانة والمسؤولية؛ فواجبي تجاه أسرتي الصغيرة كبير، لكن واجبي إزاء أسرتي الأردنية الكبيرة ومصالحها أكبر وأسمى. ولن أسمح لأيٍّ كان أن يقدم مصالحه على مصلحة الوطن، ولن أسمح حتى لأخي أن يكون سبباً للمزيد من القلق في وطننا الشامخ”. إلى أن يقول:
“وعليه، فقد قرّرت الموافقة على توصية المجلس المشكَّل بموجب قانون الأسرة المالكة، بتقييد اتصالات الأمير حمزة وإقامته وتحركاته، التي رفعها المجلس لنا منذ الثالث والعشرين من شهر كانون الأول الماضي، وكنت قد ارتأيت التّريُّث في الموافقة عليها لمنح أخي حمزة فرصة لمراجعة الذّات والعودة إلى طريق الصّواب”.
ومما جاء في الرسالة حول تفاصيل القرار: “سيبقى حمزة في قصره التزاماً بقرار مجلس العائلة، ولضمان عدم تكرار أي من تصرفاته غير المسؤولة، التي إنْ تكررت فسيتم التعامل معها”.
يأمل الأردنيون من شتى الأصول أن يشكّل قرار الملك بتقييد حركة الأمير حمزة ومنعه من التواصل، طيّاً لصفحة لم يجدوا أنفسهم في أيِّ سطرٍ من سطورها، وما رغب كثير منهم نشر أخبار هذه الصفحة “الفتنة”، وشعروا أن قضاياهم الراهنة والضاغطة أهم بكثير من متابعة ما كان يجري بين الملك وأخيه حمزة، فثَمة ارتفاع مسعور بأسعار السلع الرئيسية، وثَمة تزايُد في أعداد العاطلين عن العمل وربما عن الأمل أيضاً، وثَمة ترقُّب قلق ومتحفز ومجروح لِما ينوي المتطرفون اليهود فعله بقبة الصخرة وعموم المسجد الأقصى، وثَمة أبواب موصدة، وآفاق تواصُل الانخفاض، وفساد راسخ يأبى أن يترجّل، وثمة إجماع على الآية الكريمة التي أوردها الملك في رسالته: “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ”.