نداء بوست- جورجيوس علوش – السويداء
أصدر الشيخ حكمت الهجري بياناً حول ما تشهده السويداء مؤخراً من حراك شعبي، مطالباً المسؤولين العاجزين عن تأمين العيش الكريم للشعب بالتنحي، ومحذراً من المساس بأمن وسلامة المطالبين بحقوقهم.
وفيما يلي نص البيان كاملاً:
“إلى الشرفاء والوطنيين السوريين الصادقين.
(وزنوا بالقسطاس المستقيم * ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين * واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين)
بداية حديثنا “سلامٌ قولاً من رب رحيم”
نرسله إليكم، كمجرى القول ومنتهاه بالسّلم وبالسّلام
أما بعد:
أيها الإخوة في الوطن، أيها الإخوة في طاعة الله.. أيها الإخوة في التضحية والعطاء من كل جهة، ومن كل ركن، وبالأطياف والتلاوين الدينية والسياسية والاجتماعية كلها، نجتمع تحت سقف بلد واحد، وتاريخ واحد ومصير واحد، في دولة واحدة، فما نزفت دماء أبنائنا لتجبل بهذا الأديم مختلطة ببعضها إلاّ ليبقى التراب واحداً دون تفريق ودون تمييز ودون تقطيع، ومهما اختلفت مشاربنا، فمن تراب الوطن إلى تراب الوطن فداءً له وإبراراً به . لذلك.. فلن نسمح لأحد أن يصادر طيب أنفاس أهلنا، وطهر دمائهم، وجلال تاريخهم، وأينما حل الفساد كان منه البلاء ودنس البلاد، فلنكن كلنا من صغيرنا إلى كبيرنا مكافحين لكل فساد بعد أن استشرى وأصبح ثقافة عامة، وقبل أن يسري في عروق الأجيال القادمة فتسقط رسالة الأجداد بين أيدينا، فرسالة الأجيال تقتضي أن نكون الرقباء المسؤولين عن متابعة المفاصل التي ترفع عماد الوطن كلها سيراً على درب سليم كي لا تهدم أركان الوطن والمجتمع بمسالك النهج الخطأ، مما يوجب يقظة أبنائنا المخلصين، والمتابعة والإرشاد والتوجيه مهما تطلب الأمر لنبقى على مسالك الحق والصواب.
كم عانينا من غزو وغزاة فقاتلنا، وكم شهدنا من بطولات أهلنا في كل سورية حين استبسلوا بالدفاع عن أرضهم وعرضهم ومبادئهم ومجتمعاتهم لتبقى بلادنا راسخة شامخة، لا لأن يركب الموج مسؤول سيء، فيقطف الثمار ويسقط الحق من عليائه، ويحرق تلك الأوراق الثمينة التي قدمها للوطن أبناؤه البررة، فكل مواطن صامد كان بطلاً، في داخل الوطن أو في خارجه بدعمه للحق. فلا لكل من يحاول هدر كرامة المواطن الذي يستحق التقديس، ولا لكل من يستهين بلقمة العيش ويصادرها من الأفواه..
نحن في حصار خارجي.. نعم ، ولكن الحصار الداخلي بحكومة سيئة كان الأصعب والأعنف فصار عيشنا بارتكاباتهم أقسى، ليتركوا في صدورنا آلاماً متكررة تتزايد حدتها، ولا نستطيع التعامل معهم كأبناء كما نتعامل مع الغزاة الغرباء، ولكنهم تجاوزوا حدود البنوة بالإساءة إلى أهلهم وإراقة كبريائهم وإذلالهم والجور عليهم بحجة تحصيل حقوق للدولة، مما يوجب أن نصرخ في وجههم، ونشكوهم للأعلى منهم، ونتصرف حيالهم حين يبتعد المراقبون الرسميون، وحين نكون في صعاب، وتحت وطأة معاص مما تركوه بيننا، ووسط صمت الإعلام الرسمي وتقصيره، يأتينا إعلام دخيل على حياتنا ومجتمعاتنا أو ما يشبه الإعلام، فتتداخل الفتن بأخبار من حجرات صغيرة باسم وسائط التواصل، حيث زاد البلاء وعم الخراب بهذا الغزو البشع ممن لا يحسنون التعامل به بشكل سليم، ما زاد حاجتنا للمصداقية والمرجعية الإعلامية المواكبة والغير مسيّرة.
نحن في علياء العلم في سورية، وثرواتنا كثيرة معطاءة، نعرف أن قسماً كبيراً منها مسلوب من الخارج، تحت أعين محلية أو بتواطؤ ما، وباقي الخير يسلب من شعبنا، فهذا ما نريد قمعه من قبل الشرفاء، مع التوجيه إلى أن الكثير من المسؤولين يتم إمساكهم والقول بمليارات مسروقة منهم … معكم يا أهلنا … ننادي وبأعلى صوتنا.. لنقف لحظة ونعيد النظر، ليعترف كل مخطئ بخطئه، وليتنحَ كل عاجز عن أداء مهامه، دون أن يكذب ويتملق ويستخدم المصطلحات الرنانة لتبرير تقصيره، فقد ملّ الشعب الخطاب والتبريرات.. وإننا نحتاج للصادقين المخلصين لبناء الوطن، نحتاج أن نصرخ.. ونجاب … فاتركوهم يصرخون يعبرون عن أوجاعهم كي يسمعهم الكبار بصدق الوجع لا كما يصوره حماة الفساد.
ولم نكن يوماً أعداءً للوطن، لا يوجد في شعبنا معارضون للحق، بل يوجد شعب يريد أن يعيش الحياة بما يتيسر من خير وطنه دون منية من أحد ودون إذلال.. يوجد أصحاب حق يجب احترامهم وتقديرهم لأنهم يلبون واجباتهم كلها، وأحد واجباتهم هو الإشارة للخطأ.
فليخرج أحد من كبار الدولة، وليصدق القول دون تبرير تقصير أحد، ندعو لعيش كريم تحت سقف دولة العدل والقانون، دولة الصدق، وكل من قصّر بواجبه ودوره في موقع المسؤولية فليتنحَ جانباً دون أن يعامل من يصرخ بطلب حقه بالقوة، ولا نريد أن يريق الأخ دم اخيه كما حصل سابقاً، ونكره أن يشهر الإخوة سلاحاً في وجه بعضهم، فما لأحد فضل على الآخر، فلا تنكروا على المواطنين حقوقهم، وأصدقوهم القول. وقد بدأنا بالسلام وننتهي بالسلام على الجميع”.