نداء بوست-قسم المتابعة والتحقيقات-كندة الأحمد
لم توقفهم الحرب الدائرة في بلادهم عن تحقيق سلسلة من الإنجازات وقصص النجاح المبهرة، التي سجلها الطلاب السوريين في مختلف الجامعات التركية ومختلف اختصاصاتها.
استطاع السوريون أن يقدموا نموذجاً صالحاً في بلد الغربة، على مختلف مستويات التعليم من المرحلة الابتدائية وصولاً للجامعة والدراسات العليا مما خلق فرصةً لهم للتمييز والتفوق على أقرانهم الأتراك وحصولهم على المراتب الأولى ودرجات الشرف في العديد من الجامعات.
تخطى الطلاب العوائق الكبيرة كتعلم لغة جديدة والذهاب إلى مدن بعيدة بغية الالتحاق بجامعاتهم، والخضوع لامتحانات معيارية تفوق قدراتهم، ينص عليها التعليم العالي التركي.
لكن هناك تميز فريد من نوعه حققه الطلاب السوريين من بين فئات الطلاب متعددي الجنسيات.
وبين القرارات المتضاربة والضبابية التي تحدث بين الحين والآخر يبقى الطلاب بين نارين متحدّين الظروف سواء الذين استأنفوا دراستهم الجامعية في تركيا عقب تركهم جامعات بلدهم هرباً من آلة حرب النظام، أو ممن درسوا في المدارس التركية وتخرجوا من ثانوياتها.
امتحان القبول الجامعي YOS هو العقبة الكبيرة التي كانت تثير مخاوف معظم الطلاب السوريين فهو شرط أساسي للقبول في الجامعات الحكومية التركية تكمن أهميته ويختلف “اليوس” عن الاختبارات التقليدية لكونه يعتمد بشكل كبير على مستوى الطالب العقلي وقدرته على حل المشكلات بطرق علمية وأسس سليمة.
وتساهم الدرجة في اختبار “اليوس” برفع فرص القبول بأغلب جامعات تركيا، حيث تضع بعض الجامعات أولوية لدرجة الطالب في اختبار اليوس عن درجته في شهادة الثانوية التي حصل عليها في بلده، مما يمكّنه من التقدم للدراسة في كلية الطب وطب الأسنان والصيدلة والهندسة وكل التخصصات التي تتطلب معدلات مرتفعة.
ويشمل الاختبار أسئلة الذكاء والرياضيات، وأسس التحليل الرياضي والقسم الثاني: فهو عن الأسس الهندسية وأسئلة الهندسة “geometry”.
وبعد المعدلات العالية التي حصلوا عليها بدأ التميز يظهر بالرغبات بالحصول على أفرع علمية طبية وهندسية.
“أحمد” طالب سوري أنهى دراسته الثانوية وقام بعدها بالتحضير لامتحان “اليوس” لمدة عامٍ كامل كان مليء بالمصاعب والتحديات، وفي ظل الظروف القاهرة التي مر بها، حصل بعدها على نتيجة ممتازة أهلته أن يلتحق كلية “طب الأسنان” في جامعة سيفاس وحقق حلمه بأن يصبح طبيب في بلد اللجوء من بين الآف من الطلاب الذين يتنافسون على مقعد الدراسة وبالأخص الأفرع الطبية التي تحتاج جهداً مضاعفاً ومعدلات عالية فضلاً عن صعوبة نظام الأفرع الطبية من ناحية عملية احتساب الدرجات الأكاديمية.
يشير “أحمد” لموقع “نداء بوست” أنه ليس الوحيد الذي يدرس في القاعة الجامعية بكلية الطب فأغلب زملائه هم سوريين يفضلون دراسة الطب لأنهم حصلوا على معدلات عالية عن غيرهم من الطلاب الأخرين الأتراك أو الأجانب متعددي الجنسية .
ويضيف قائلاً “لم يعد الطالب السوري يرضى بالقليل في زمن الحرب التي دمرت البلاد أردنا من خلالها إيصال رسالة للعالم أننا قادرون على الأصعب ولا شيء يوقف الطالب السوري أمام العلم الذي كاد أن يُسرق من جيلٍ كامل”.
ولفت بقوله: إن “لكل فرع صعوبته لكن الأفرع الطبية تكمن صعوبتها من حيث النظام التقني الذي يجعله دقيقاً للغاية على سبيل المثال لدينا نظام “الكوميتا” وهو امتحان معياري للسنة الواحدة يتضمن كل مواد السنة الدراسية ويجب أن يقدم في يوم واحد وأن نجتاز العلامة المحددة لكي نتمكن من النجاح”.
معظم السوريين في الكليات الطبية اجتازوا هذا الامتحان وبجدارة ترفعوا بعدها للسنة التالية وحصلوا على نتائج مبهرة في “الكوميتات” وبشهادة الأكاديميين رغم صعوبة المصطلحات الطبية المستخدمة في الكتب والقواميس لم تكن هناك مشكلة بالنسبةِ لهم.
الطالب عبد الكريم حصل على مقعد في كلية الهندسة الميكانيكية في جامعة “مالتيبه” الجزء الآسيوي من مدينة إسطنبول بعد أن خضع لامتحان “السات” الدولي من مؤسسة كولج بورد” COLLAGE BOARED “الأمريكية كان واحداً من الطلاب الذين يتنافسون على مقاعد الهندسة استطاع التغلب على نفسه والحصول على درجة عالية في الامتحان أهلته بأن يحقق حلمه بأن يكون مهندس سوري في زمن الصعوبات التي لا يقوى أحد أن يتحملها على حد تعبيره.
يتحدث عبد الكريم عن المنافسة القوية التي يعيشها الطالب السوري بين عاتق اللغة والاختلاف والتنوع والمزيج الثقافي في مدينة تصل بين قارتين، قائلاً : “لم يكن من السهل أن أحصل على مقعد الدراسة، لكن بعدها استطعت أن أجتاز الامتحان المطلوب وحصلت على درجة جيد، وأنا الآن في السنة الثالثة من الدراسة”.
جدير بالذكر أن عشرات الطلاب السوريين حققوا خلال العام الجاري درجات متفوقة على جامعاتهم في تركيا، وحقق الكثير منهم المراتب الأولى.