نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
بعد غياب دام 39 عاماً، يعود نادي "الرمثا" في أقصى شمال الأردن، لمعانقة كأس دوري المحترفين الأردني لكرة القدم (دوري الدرجة الممتازة سابقاً).
إذ حسم نادي "الرمثا" الأقرب جغرافياً إلى روح حوران، الساكن أفياء هذا السهل، بعد جهد ومثابرة وعناد، بطولة دوري المحترفين لكرة القدم، بعد تعادُله مع الجزيرة الخميس (الرابع من الشهر الحالي)، بهدف لهدف على ملعب إستاد عمّان الدولي، فيما لم يَكفِ "الوحدات" فوزه بخماسية نظيفة على شباب العقبة.
وهو اللقب الثالث في تاريخ "الرمثا" بعد لقبَيْ عام 1981 و1982.
وتصدر "الرمثا" ترتيب الفِرَق برصيد 47 نقطة مناصفة مع "الوحدات" (المارد الأخضر)، لكن فَرْق المواجهات المُباشِرة حسم اللقب لصالح "الرمثا" (غزلان الشمال).
ولمنافسات كرة القدم في الأردن خصوصية مَرَدّها إلى أن أندية مخيمات اللجوء في الأردن، التي أسستها وكالة الغوث الدولية لتكون أندية اجتماعية وليست رياضية، تشارك في منافسات الدوريات الأردنية على اختلاف درجاتها.
ومنذ عام 1977، أي عام صعود نادي "مخيم الوحدات" (يختصر اسمه ليصبح نادي "الوحدات")، وهو أكبر مخيمات اللجوء في الأردن كثافةً سكانيةً وخصوصيةً فلسطينيةً، ويتربع على مساحة واسعة من جنوب شرق العاصمة الأردنية عمّان، إلى الدرجة الممتازة، وعدم نزوله منها بعد ذلك، لا بل منافسته الدائمة على الألقاب، وحصوله 17 مرّة على لقب بطولة الدوري، و10 مرّات على بطولة كأس الأردن، و14 مرّة على بطولة كأس السوبر، و10 مرّات على بطولة كأس الاتحاد الأردني، جعل المنافسة المحلية في الأردن تأخذ منحى يتعلق بسؤال محدد: مَن سيفوز هذا العام؟ هل نادٍ من أصول فلسطينية؟ أم نادٍ "أردني/ أردني".
هذا الاستقطاب الذي تسببت به منافسات كرة القدم، يظهر بأكثر مستوياته أسفاً وشغباً ومصادماتٍ واعتقالاتٍ ومشاكلَ، عندما يكون التنافس بين نادي "الوحدات" والنادي "الفيصلي" (الزعيم). وهي المنافسة التي تحمل محلياً لقبَيْ: (الديربي) كون النادييْنِ من أندية العاصمة، و(الكلاسيكو) كونهما يتقاسمان معظم الألقاب، مع أفضلية ألقاب لصالح النادي "الفيصلي" بسبب أقدمية تأسيسه على نادي "الوحدات" ("الفيصلي" تأسَّس عام 1932، و"الوحدات" تأسس عام 1956).
ومنذ اعتماد الاحتراف في دوريات كرة القدم الأردنية، تراجع كثيراً هذا الاستقطاب، فاللاعب الذي يلعب للوحدات هذا العام، قد يُفاجَأ الجمهور أنه يلعب، بكل بساطة، للفيصلي في العام الذي يليه، والعكس بالعكس، ما أدّى إلى قدر معقول من خفوت الأصوات العنصرية التفريقية.
في كل العالم تتسبب منافسات كرة القدم بشغب وعنف أحياناً وتحدِّيَاتٍ تاريخيةٍ بين نادي مدينة ونادي مدينة أخرى، ولكن في الأردن تظل الخشية قائمةً ومتوقَّعةً أن تؤدي الأسباب الباطنة لهذا التنافس، إلى ضرب النسيج المجتمعي المتكوّن من تعدُّديَّة أصول ومنابت، وأن تفضي إلى تصدُّع جدار الوحدة الوطنية، وتعيد إلى الذاكرة آلام "أيلول الأسود" في عام 1970، عندما خاض الأردنيون والفلسطينيون حرباً ضد بعضهما بعضاً لا ناقة لهم فيها ولا بعير.
Author
-
روائي وإعلامي فلسطيني/أردني..مُعِدّ ومنتج تلفزيوني.. صدر له ثلاث روايات وأربع مجموعات قصصية