نداء بوست -سليمان سباعي- حمص
دفعَ ارتفاع أسعار المواد الغذائية، الذي تشهده عموم المناطق السورية منذ بداية شهر رمضان المبارك، العديد من عائلات بريف حمص الشمالي، للتوجّه نحو الأراضي الزراعية والبحث عن الأعشاب البرية الصالحة للطعام، تجنباً للتوجّه نحو محلات بيع الخضراوات التي لم يعد بالإمكان تحمل عبء أسعارها من قبل المدنيين.
وتبدأ رحلة البحث عن “الخبيزة” و”قرش البرية” و”لحم الفقير” وهي نباتات تنتشر بكثافة خلال فصل الربيع، وتعتبر الهدف الأول للنسوة اللواتي يحملن أكياساً فارغة منذ ساعات الصباح مع سكين لاقتلاع تلك النباتات والعودة لطهوها في المنزل كوجبة رئيسية لإفطار عائلاتهم.
أم عبد الله سيدة في العقد الخامس من عمرها يعتبرها النسوة مرشدتهم الرئيسية بالنصح عن أنواع النباتات الصالحة للطهو من غيرها من النباتات المضرة، تحدثت لمراسلنا عن الظروف المعيشية وغلاء الأسعار التي دفعها للتفكير بالخروج للبحث عن تلك النباتات للهرب من التواجد أمام بائعي الخضراوات.
ولفتت إلى أن تجربتها بإحياء هذا التقليد الشعبي “القديم نسبياً” لاقى استحساناً من قبل جاراتها اللواتي أبدين رغبة بالخروج معها بجولة ضمن الأراضي الزراعية، وعلى أطراف الطرقات لملء أكياسهن بما يتناسب مع احتياجات كل عائلة على حدة لطهوها على موائد الإفطار.
عائشة فتاة بمقتبل العمر تحدثت عن تجربتها التي وصفتها بالمشوّقة قائلة: “سمح لي والدي بالخروج مع أم عبد الله للبحث عن نبات الخبيزة الذي يتم سلقه بالماء، وطهوه مع البصل أو الثوم والقليل من البرغل”، وأشادت بطعمه اللذيذ الذي يشبه لحدّ ما السبانخ والسلق البلدي، غير أن هذه الخبيزة تحصل عليها بالمجان دون دفع ثمنها.
من جهته، قال الطبيب عمر حمود اختصاصي بالأمراض الهضمية إن نبتة الخبيزة وقرش البرية هي نباتات صحية وغنية بالفيتامينات التي يحتاجها جسم الإنسان، إلا أن نموّها ضمن الأراضي الزراعية بشكل متفرق دفع بالأهالي لنسيانها وعدم التعامل معها بسبب المشقّة التي يتعرض لها الراغبون بالحصول عليها.
وأكد أنها تساعد على شفاء المرضى الذين يعانون من التهاب في الجهاز الهضمي، كما أنه من الممكن تجفيف أوراقها واستعمالها كشراب يضاف إليه بعض السكر لعلاج أمراض الفم والحنجرة.
وأشار حمود إلى ضرورة التأني أثناء عملية قطافها نظراً لوجود نباتات مشابهة لها من حيث الشكل كـ “القريص” و”الجدوّل” وهي نباتات لها إفرازات سامة تضر بصحة متناوليها.
ارتفاع أسعار الخضراوات واللحوم في مناطق سيطرة النظام دفع الأهالي للعودة إلى أكلات ريفية بسيطة كانوا قد استغنوا عن تحضيرها فيما مضى، إلا أن الواقع المعيشي المتردي وضعف المدخول لأرباب الأسر جعل من الخروج للبرية سبيلاً جديداً لإعانتهم على قضاء احتياجاتهم اليومية هرباً من غلاء الأسعار.