نداء بوست- تحقيقات-كندة الأحمد- إسطنبول
أعلنت المبعوثة الخاصة المكلفة بالشراكات الدولية الكبرى بوزارة الخارجية الجزائرية “ليلى زروقي” أن بلادها قدمت طلباً رسمياً، للانضمام إلى مجموعة “بريكس” التي تضم كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا.
جاء ذلك في تصريح لليلى زروقي، في مقابلة مع الإذاعة الجزائرية الرسمية.
وكشفت “زروقي” أن رئيس الجمهورية “عبد المجيد تبون”، قدّم رسمياً طلب انضمام الجزائر إلى منظمة “بريكس”.
وفي مقابلة سابقة أجراها الرئيس الجزائري مع وسائل إعلام محلية نهاية تموز/ يوليو الماضي، قال: إن الجزائر مهتمة بالانضمام لمجموعة دول “بريكس” التي تُعَدّ “قوة سياسية واقتصادية”.
وأضاف تبون أن “الجزائر يتوافر فيها معظم الشروط المطلوبة للانضمام إلى مجموعة بريكس.. لا نستبق الأمور لكن إنْ شاء الله ستكون هناك أخبار سارة بشأن هذا الموضوع”.
بدوره صرح وزير الخارجية “رمطان لعمامرة” في مؤتمر صحافي عقده في 9 تشرين الأول/أكتوبر أن لبلاده القدرة على تقديم قيمة مضافةً إلى مجموعة “بريكس”.
كانت كل من الصين وروسيا قد رحَّبتا سابقاً بمساعي الجزائر للانضمام إلى المجموعة.
ومنتدى “بريكس”، منظمة دولية مستقلة، يقول أعضاؤها: إنهم يشجعون على التعاون السياسي والاقتصادي والثقافي فيما بينهم.
تشكلت النواة الأولى لما بات الآن يعرف بدول “بريكس” عام 2001، من طرف البرازيل وروسيا والهند والصين، وكانت تسمى حينها دول “بريك”، ثم انضمت لهم جنوب إفريقيا.
واعتبر متابعون إنشاء التكتل بمثابة خطوة لخلق كيان موازٍ لمجموعة السبع “جي 7” التي تضم الولايات المتحدة وكندا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان. وهي عبارة عن ملتقى سياسي حكومي دولي ويُعتبر أعضاء المجموعة أكبرَ الاقتصادات المتقدمة في العالم وفقاً لصندوق النقد الدولي وأغنى الأنظمة الديمقراطية الليبرالية.
وتعليقاً على ذلك قال الباحث الاقتصادي في مركز “جسور للدراسات” “خالد تركاوي” لـ”نداء بوست”: إن الرغبة الجزائرية مدفوعة بأسباب سياسية، أكثر من كونها اقتصادية.
وأضافَ “تركاوي”: “الجزائر تسعى لتطبيق مبدأ عدم الانحياز، وبعد توافقاتها مع الغرب، واستقطاب الغرب لها كمورّد غاز رئيسي لأوروبا، تحاول أن تعطي رسالة للصين وروسيا بأنها معهم في مجالات أخرى مثل هذه المجموعة”.
مشيراً إلى أن “الجزائر تعتقد أنها يمكن أن تكسب الأسواق الكبيرة في هذه المجموعة، سواء لجهة الاستيراد أو التصدير”.
كما رجحَ أن “إمكانية مساعدة الجزائر عَبْر تمويل مشاريع بنى تحتية هو أمر وارد في إطار المجموعة”.
أما بالنسبة لوجود دولة عربية في مجموعة “بريكس” فقال “تركاوي”: “العرب ليسوا على مسطرة واحدة تجاه معظم القضايا، فالخليج بالمجمل يميل للغرب، ومصر كذلك، واليوم بعض الدول تستند لإسرائيل وهكذا، فبالتالي لا يوجد موقف موحد عربي تجاه أي قضية بما في ذلك قضية فلسطين”.
وختم حديثه قائلاً: إنه ما من دولة عربية ستكون مهتمة بالمجموعة، حتى وإنْ كان على الصعيد الإعلامي”.
من جانبه قال المستشار الاقتصادي “أسامة القاضي” لـ”نداء بوست”:
لا أعتقد أن انضمام الجزائر سيضيف كثيراً للاقتصاد الجزائري، فقط سيعطي إشارة للولايات والغرب أن الجزائر تريد أن تنضم إلى حلف مناهض للولايات المتحدة”.
وأضاف “القاضي” أن الجزائر لن تقطف ثماراً من هذا التجمع الذي ليس له قيمة حقيقية عالمياً؛ فماذا يمكن أن تعطي الجزائر إلى روسيا وروسيا للجزائر سوى النفط والغاز الذي يعتمد عليه اقتصاد كليهما؟
ويرى “القاضي” لا يوجد شيء يمكن الاستفادة منه مع روسيا لكن بين الصين والهند العلاقات المشتركة قائمة بشكل جيد.
مؤكِّداً أن انضمام الجزائر “للبريكس” لن يضيف شيئاً، وقد لا يعطي إشارة إيجابية لوضع الجزائر في العالم”.
ويشير القاضي إلى أن مجموعة بريكس هي تجمُّع “لخمس دول، هو حقيقةً انبعث من روسيا عام 2009 أرادت روسيا من خلاله إظهار عظمتها وأنها ستقلب النظام العالمي الاقتصادي من خلال هذا التجمع، ليشمل تقريباً مع مجموع ناتج دخل قومي للدول الخمسة 24 تريليون دولار، لكن مضمون هذا التكتل كالبرازيل والهند لو بدأنا من البرازيل، فهنا نستطيع أن نقول: أرادت البرازيل أن تشبك دورها مع دولة قريبة من الولايات المتحدة الأمريكية كما تفعل الولايات المتحدة من خلال العديد من التكتلات السياسية كالمحيط الهادئ، لكن البرازيل وضعها هشّ جداً كما انخفض ناتج دخلها القومي من تقريباً 2.6 تريليون دولار إلى 1.4 تريليون دولار وانخفضت حصة ناتج الدخل البرازيلي من 12 ألفاً إلى 6.700 دولار.
الرئيس البرازيلي “أورسو نارو” لا يحتاج إلى ضغط جديد من التكتلات الأخرى ولديه ديون حوالي 1.4 تريليون دولار وهذا مبلغ هائل على دولة واحدة.
ونوّه بأن “العلاقة مع الولايات المتحدة أيضاً كبيرة جداً وروسيا من خلال الحملة الإعلامية التي تقوم بها تريد إيصال رسالة، أن لها شركاء مثل البرازيل من أمريكا اللاتينية”.
مضمونها “نريد أن نخلق اقتصاداً عالمياً جديداً”، لكن أكبر سوق صادرات الولايات المتحدة للبرازيل 42 مليار دولار وتحتل المرتبة التاسعة بل واردات 30 مليار دولار، 2019 لا تملك البرازيل هذه الرفاهية أن تضحي بعلاقاتها مع الولايات المتحدة لخلق نظام اقتصادي بسبب الاقتصاد الهش، في الوقت الذي وصلت استثمارات الولايات المتحدة إلى 81. مليار دولار من الصعب جداً أن تتجاوز المكانة المهمة من أجل روسيا في “البريكس”.
أما بالنسبة للبرازيل فتستثمر من جنوب إفريقيا 612 مليار دولار وأيضاً علاقتها ضعيفة وهامشية.
مشيراً إلى أن “جنوب إفريقيا لا تستطيع اتخاذ موقف لا يصب في مصلحتها مع الولايات المتحدة، يوجد ديون ما يقارب 60 مليار دولار بالنسبة للبرازيل وجنوب إفريقيا تجمع هزيل “بالبريكس”، أما بالنسبة للهند فقام الرئيس “جو بايدن” 22 أيار/ مايو ما أسماه الإطار الاقتصادي الهندي والمحيط الهادئ IPEFيضم 14 دولة ناتج دخلها 37 تريليون دولار”.
“معظم الدول المحيطة بالصين ودول آسيا الهند موجودة في “البريكس ” وموجودة في “IPEF ” وهذا التشكيل الأمريكي سيجعل منه تجمُّعاً “هشّاً”.
موضحاً أن “هذه عبارة عن مواجهة بين روسيا والولايات المتحدة، لكن الهند تلعب الورقة الروسية وسيكتشف صانع القرار الروسي أن الصين أيضاً تلعب الورقة الروسية.
ربما أرادت الجزائر خلق بدائل لها لمواجهة الولايات المتحدة من خلال فرض وجودها بمجموعة اقتصادية عالمية من صنع روسيا حتى وإن كانت تتحدث عَبْر المنابر الإعلامية على أنها غنية الفرص وتستطيع اتخاذ القرار المناسب بأن تكون ضِمن “البريكس” مع حلفائها كالهند والصين التي تربطها بهم علاقة وثيقة حيث أشارت الخارجية الهندية في بيان سابق إلى أن حجم المبادلات التجارية بين الدولتين بلغ 1.39 مليار دولار خلال سنة 2020-2021، مؤكداً أن عدداً من الشركات الهندية تعمل في قطاعات مختلفة في الجزائر. أما الصين والجزائر فتربطهما اتفاقية شراكة ضخمة وإستراتيجية شاملة تم إبرامها سنة 2014 .
كما أنها ربما تريد أن تعطي رسالة للصين وروسيا بأنها الحليفة الدائمة لا سيما أنها تعتمد على الغاز والنفط كمورد أساسي لاستقطاب دول الغرب، فهل تنجح الجزائر كدولة عربية متواجدة بتحالف الغطاء الروسي الاقتصادي الذي يعتبر موازياً لتحالف مجموعة (جي 7) بقيادة الأمم المتحدة أن تلعب دوراً مهماً اقتصادياً على الصعيد العالمي؟ أم أنها رسالة سياسية بحتة.