نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
من أكلات إربد (شمال الأردن) القديمة التي أصبح تداولها هذه الأيام نادرًا، أكلة (التشعاتشيل).
ولعل من الطريف هنا، أن أترك سيدةً مُسِنّة رِبْداوية، تورد مكونات هذه الأكلة وطريقة تحضيرها، حيث نقلتُ عن فيديو منشور لها على (يوتيوب) حرفيًا ما قالته باللهجة الربداوية الشعبية: “إحنا اليوم طابخين تشعاتشيل وبدنا نولّف لها الطبخة: بصل يابس وجعده منلقّطها من السهل وبنيبّسها وبنفرمها وبنحطها معاها وبقدونس بنفرمه وبنْحَلْوِسه والكزبرة بنحطها معاها وبصل أخضر وبنفركّن وعُقُب ما نفركّن البقدونس والبصل الاخظر والجعده بنوخذ شويه من العدس المسلوق وبنحطه عليهن وبنخلطه كلايتّو مع بعضه.. وبس خلصنا الخليط هاظا كله بدنا نجيب الطّحين ونحط عليه.. خَلنا نجيب الطَّحين وندير منّه شويه وبنخلّط مرّة ثانية بعدين بنحط عالخليط كله هاظا البيض البلدي بعدين باقي كمية الطَّحين وبندعّجها كلايتّا مع الطَّحين والبيض بعدين بنغلي اللبن الشنينة البلدية عالغاز وبس يغلى بنحط عليه شوية تشرتشم ويومن بيغلى اللبن منيح بنسقِّط التشعاتشيل يعني التشعاتشيل محطوطة ومتبلّة خالصة وبنصير نسقط بِيها عاللبن وبنوكلها طبخة شعبية بنحبها إحنا بالشمال.. يعني كل شُهر كل شُهرين الناس تا تطبخها خطرة”.
وإن رغبنا تلخيص الطبخة نقول إن التشعاتشيل أو الكعاكيل أو الجعاجيل، هي أكلة أردنية لذيذة ولها قيمة غذائية عالية. تتكون من كرات معجونة تحتوي على طحين القمح الأسمر والبيض والبصل واللوف الذي يستعاض عنه بالبقدونس عند عدم توفره. تُسقط الكرات في المريس (الجميد السائل) المغلي المضاف إليه العدس. والأكلة تعد جزءاً من التراث الثقافي غير المادي، وفيه تندرج الدبكات والغناء الشعبي وطريقة خبز العجين، وأنواع الأفران القديمة مثل الصاخ وغيره، والأمثلة والألعاب الشعبية وما إلى ذلك.
وحتى أيامنا هذه تستخدم النساء في قرى إربد، وفي أم قيس، فرنًا بمواصفات تختلف عن الأفران المتداولة، وعن فرن الصاج، وفرن التنّور، يسمّى (وقّاديّات) يخبزنَ فيه رغيف العجين: “يا لِنار الوقّاديات.. يا للحطب يمسّد تعب السهل ويسوّي حصاد الوعر.. يا للرغيف الطالع من وشاح الدفء المُبين”.
أما المطحنة فمن الأشياء التي تحوّلت في نواحي إربد إلى إرث: “يا دولاب الزمان هدهد ظهور القمح.. هذي ظهور أمهاتنا، يصعدن من أغوار الحصاد، يملأن البيوت مددًا”.
على وجه العموم، يعد التراث الثقافي غير المادّي أحد المجالات الأساسيّة في الدراسات الثقافيّة المعاصرة، ويتضمن أشكال التعبير والتقاليد الشفويّة بما فيها اللغة، وفنون وتقاليد العروض، والمعارف والممارسات المتّصلة بالطبيعة والكون، والممارسات الاجتماعيّة، والمهارات المرتبطة بالفنون الحرفيّة. وما يرتبط بمكوّنٍ اجتماعيٍّ من آلاتٍ وقطعٍ ومصنوعاتٍ وأماكن ثقافية. وفي إربد تتجلى هذه العناوين بأنصع ما يمكن للتجلّي أن يكون.
Author
-
روائي وإعلامي فلسطيني/أردني..مُعِدّ ومنتج تلفزيوني.. صدر له ثلاث روايات وأربع مجموعات قصصية