نداء بوست- سليمان سباعي- حمص
أفاد مراسل “نداء بوست” في حمص بارتفاع أعداد المتسولين الذين يقصدون المنازل السكنية، والمحلات التجارية داخل أسواق المدينة بشكل لافت خلال الفترة الراهنة، وذلك بهدف طلب المساعدات المالية والعينية على حدّ سواء، لسدّ احتياجات أفراد أسرهم اليومية.
ورصد مراسلنا توجُّه العشرات من المتسولين من النساء والأطفال إلى الأسواق التجارية داخل المدينة لطلب المساعدة بحجّة غياب المعيل بسبب الاعتقال تارة، أو فقدانه بسبب الحرب تارة أخرى، الأمر الذي يدفع أصحاب المحلات للتعاطف معهم ومنحهم بعض الأموال لإعانتهم على ظروف الحياة المعيشية التي باتت تشكل عبئاً ثقيلاً على المدنيين القاطنين ضِمن مناطق سيطرة النظام بسبب التدهور الاقتصادي الكبير الذي تشهده المحافظات السورية بشكل عامّ.
محمد عطايا أحد تجار سوق “الحشيش” في مدينة حمص أفاد لمراسلنا بقوله: إن ظاهرة التسول باتت تزداد يوماً بعد يوم، وإن المتسولة التي نقوم بإعانتها تأتي في اليوم التالي بصحبة واحدة أخرى، الأمر الذي يجعلنا نرفض منحها الأموالَ مجدداً بعدما اتخذت هذا الأمر صنعة لجلب الأموال دون تعب.
وأضاف “عطايا” قمت بالاشتراك مع عدد من تجار المنطقة بعرض خدماتنا على المتسولات من النساء بهدف تخليصهن من ذلّ السؤال، وذلك من خلال تأمين عمل لهنّ ضِمن ورشات الخياطة، وتنظيف المنازل للراغبين من الأشخاص “ميسوري الحال” لكن تفاجأنا من ردّ فعلهنّ الرافض للعمل، الأمر الذي دفعنا لمراقبتهن لنكتشف أن معظمهن يعمل ضِمن شبكة منظمة يديرها أحد الأشخاص الذين تربطهم علاقة وثيقة بالأفرع الأمنية.
من جهته قال الحاج عاطف أحد أصحاب محلات بيع الأقمشة لـ”نداء بوست”: تواصلنا مع مجلس مدينة حمص لتقديم بلاغ رسمي حول وجود شبكة متسولين في منطقة سوق التهريب يتم إيصالهم بسيارة من نوع “فان” بشكل يومي، وذلك بعد مراقبتنا للمتسولات لنحو أسبوع، وطالبنا بتوجيه دورية شرطية لإلقاء القبض عليهم من قِبل قسم شرطة المدينة إلا أن طلبنا كان يُرفَض بشكل متكرر، الأمر الذي يُوحِي بوجود علاقات بين القائمين على إدارة شبكة المتسولين والسلطات الأمنية التابعة للنظام.
في سياق متصل لم ينكر الحاج عاطف وجود مَن هم بحاجة حقيقية للمساعدة بين المتسولين رجالاً كانوا أو نساءً، إلا أن انتشار “موظّفي التسول” إن صحّ التعبير دفع بالعديد من المتبرعين للتوقف عن مساعدتهم بعدما اختلط الأمر عليهم، وبات من غير الممكن التمييز بين مَن هم بحاجة للمساعدة ومَن يتخذونها وظيفة تُدار من قِبل شبكة معينة.
بدوره حذّر المهندس محمد أحد سكان حي “الوعر” من انتشار المتسولات داخل أَزِقّة الحي مشيراً إلى عرض بعض المتسولات نفسها على الشباب المراهقين مقابل مبلغ مالي محدد، وما يساعدهن على هذا الفعل هو خلوّ العشرات من الشقق السكنية من قاطنيها الذين هُجِّروا قسراً إلى خارج سورية.
وألمح المهندس محمد بوجود حالات من الخوف تجتاح الأهالي تحسُّباً لعمليات خطف الأطفال من الشوارع من قِبل شبكة المتسولين الذين يجوبون الأحياء بشكل يومي، ويدرسون مداخل ومخارج الأزقة بالتنسيق مع مشغّليهم لتسهيل عملية الاختطاف التي انتشرت في الآونة الأخيرة ضِمن مناطق سيطرة النظام.
وتجدر الإشارة إلى أن السلطات الأمنية التابعة لحكومة النظام لم تتخذ أي إجراء من شأنه الحدّ من ارتفاع وتزايُد ظاهرة التسول في محافظة حمص، الأمر الذي يُشكِّل بيئة مناسبة لدخول الراغبين بممارسة التسول دون وجود حسيب أو رقيب.