نداء بوست – تحقيقات – خاص
في مطلع أيلول/ سبتمبر الماضي، توصلت اللجنة المركزية في درعا، لاتفاق مع النظام السوري بحضور نائب وزير الدفاع الروسي، وقائد القوات الروسية في سورية، بخصوص أحياء درعا البلد ومدن وبلدات الريف.
وجاء الاتفاق بعد حملة عسكرية تعرضت لها أحياء درعا البلد، وحصار خانق دام لأسابيع، ونص على نشر 9 نقاط عسكرية لقوات النظام في المنطقة، وتسليم السلاح الخفيف الذي يملكه أبناء المحافظة، والتدقيق في هُوِيَّات السكان، على أن يتم سحب الحواجز وفتح الطرقات وعودة قوات النظام التي تم حشدها في تلك الفترة إلى ثُكناتها.
وأجرت قوات النظام "التسوية" الجديدة لشبان المحافظة، وسحبت السلاح منهم، فيما تحدثت وسائل الإعلام الرسمية التابعة للنظام عن عودة "الأمن" و"الأمان" إلى المنطقة بعد الاستيلاء على الأسلحة الفردية ودخول "وحدات الجيش".
وبعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على "التسوية" المزعومة، تصاعدت وتيرة عمليات التصفية والاغتيالات في المحافظة، حيث لم يمضِ يومٌ دون تسجيل عملية أو اغتيال، إلا أن اللافت في الأمر أن نطاق الاستهدافات توسع بعد الاتفاق، لتشمل مدنيين وشخصيات مجتمعية، وبالطبع مقاتلين سابقين في صفوف الفصائل المعارضة.
"نداء بوست" يُحصي قتلى "اغتيالات التسوية"
وأحصت مراسلة "نداء بوست" في درعا 148 عملية اغتيال في المحافظة منذ أيلول/ سبتمبر الماضي وحتى منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
وكان شهر أيلول/ سبتمبر الأكثر من حيث عدد الاغتيالات بـ47 عملية، يليه تشرين الثاني/ نوفمبر، بـ41، وتشرين الأول/ أكتوبر بـ36، وكانون الأول/ ديسمبر بـ24 عملية.
اجتماع أمني رفيع.. الاغتيالات والتفجيرات الحلّ الأخير
تقول مصادر خاصة لموقع "نداء بوست": إن الأفرع الأمنية شعرت بعد اتفاق "التسوية" الأخير بفقدان فرصة السيطرة الكاملة على محافظة درعا، إلا أنها تدرك في الوقت ذاته أنها لم تنجح في الحسم العسكري الذي شاركت فيه "الفرقة الرابعة" و"الحرس الثوري" الإيراني و"حزب الله" اللبناني.
وأشارت المصادر إلى انعقاد اجتماع أمني في مبنى المحافظة منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، بحضور مسؤولين كبار من ضِمنهم رئيس اللجنة الأمنية جنوبي سورية اللواء مفيد الحسن، ورئيس فرع الأمن العسكري العميد لؤي العلي، إضافة إلى محافظ درعا لؤي خريطة.
وقد ساد التوتر خلال هذا الاجتماع نتيجة شعور النظام أنَّ محافظة درعا بشكل خاص ومحافظات الجنوب السوري القنيطرة والسويداء وجزءاً من ريف دمشق هي بشكل عملي خارج السيطرة الفعلية، وأن عمليات "التسوية" وتسليم السلاح لا تعدو أن تكون إجراءات شكلية فقط، بينما لا تزال ظروف وأدوات المواجهة موجودة لدى الأفراد والجماعات التي كانت ضِمن صفوف المعارضة السورية.
وبحسب المصادر فإن هناك شِبه توافُق على عدم جدوى المواجهات التقليدية، والحلول التي يفكر بها النظام تتلخص في توسيع عمليات تجنيد العملاء وتنشيط عمليات الاغتيالات والعبوات الناسفة والمفخخات التي تستهدف المنتسبين السابقين لفصائل المعارضة المسلحة.
العميد الجباوي لـ"نداء بوست": النظام يريد أن يقضي على كل الشخصيات المؤثرة في درعا
وحول أسباب التوتر المستمر في درعا، يقول العميد إبراهيم الجباوي لـ"نداء بوست": إن ما يحدث في المحافظة هو نتيجة حتمية لما جرى ويجري في إثر التسويات التي حصلت في المنطقة، وبالنظر إلى الذين طالتهم عمليات التصفية نجد أنهم من كافة شرائح المجتمع ومختلفي المشارب والتوجهات من مقاتلين سابقين في صفوف الفصائل المعارضة أو الناشطين أو المؤيدين للنظام السوري أو من كان يدعي أنه على الحياد".
ويرى العميد الجباوي أن النظام يريد أن يقضي على كل الشخصيات الفاعلة في المحافظة وأصحاب التأثير على الحاضنة الشعبية حيث يرغب في إبقاء المدنيين بلا شخصيات ذات صفة اعتبارية أو ذات تأثير.
وخلال حديثه، أشار الجباوي إلى أن "المنطقة لم تشهد أي تحسُّن بعد التسوية ولا بأي شكل من الأشكال، ولا حتى على الصعيد المعيشي للمواطنين بما في ذلك الغذاء والطبابة والمحروقات، والسبب في ذلك يعود إلى رغبة النظام في تدمير المنطقة نفسياً وبشرياً، وبعد فشله في إخضاع الأهالي بالجوع لجأ إلى عمليات الاغتيال".
ومن وجهة نظر الجباوي، فإنه في حال لم تتدخل القوى الدولية التي أسهمت في حلّ الأزمة الأخيرة في درعا، وضغطت على روسيا وفرضت عليها الالتزام بالضمانات التي قدمتها للمجتمع الدولي وللجنة التفاوض، فسوف تزداد وتيرة الاغتيالات، داعياً جميع أهالي المحافظة أن "يكونوا حذرين لأن النظام لن يوفر أحداً".