نداء بوست – كندة الأحمد – تحقيقات ومتابعات
“أبكيتُ الجماهير في تايوان خلال عزفي بالبيانو على المسرح”، بهذه الكلمات المؤثرة تحدثت الطفلةُ “سما” ذاتُ الـ17 عاماً، عن موهبتها في عزف الآلات الموسيقية كالغيتار والبيانو التي برعت بها ووصلت إلى العالمية، لتكون واحدةً من بين كثيرٍ من الأطفال السوريين في تركيا، الذين لديهم مواهب متنوعة لفتت أنظار الكثيرين، متحدين كل الظروف التي واجهتهم بعيداً عن بلادهم.
استطاع الكثير من الأطفال السوريين في تركيا، أن يحققوا نجاحاتٍ مبهرة في عالم الفنون والرياضة والشعر والأدب، حيث كانوا على يقين بقدرتهم على المسير قدماً، ما دفع وسائل الإعلام التركية للاحتفاء بإبداعاتهم.
تقول سما لموقع نداء بوست: “بدأت بعزف الغيتار عندما كنت في الثامنة من عمري في دمشق، ثم التحقت بتدريباتٍ مخصصة للعزف الموسيقي، ومن هنا بدأت اكتشف موهبتي وازداد حبي وشغفي لعزف المقطوعات الشهيرة “.
وأضافت سما: “أتيت بعدها إلى تركيا وخضعت لامتحان ثانوية الفنون الجميلة، وحصلت على المرتبة الأولى في الفنون الجميلة بدرجةٍ عالية 99.50، وبعدها تمت دعوتي إلى تايوان وكان ذلك بمساعدة الجمعيات الخيرية المعنية بشؤون مواهب الأطفال السوريين”.
تألق على مسرح تايوان
أكملت الطفلة سما حديثها عن المغامرة الجميلة التي خاضتها قائلةً: “تم ترشيحي لجائزة التميّز في تايوان عام 2020، بعدما تلقيت تسهيلاتٍ من السلطات التركية لكي أتمكن من حضور الحفل، ولا سيما أنني أحمل هوية لاجئ”.
صعدت “سما” عتبةَ المسرح وبدأت عزف مقطوعة بيانو قصيرة نالت إعجاب الحضور، لتقول: “كنتُ سعيدة جداً وسطَ تصفيقٍ حار من كلِ جانب وتشجيع حظيت به غمرني بسعادةٍ فائقة.
لم تغب قصة الوطن عن أطفالها، لكن “سما” روتها بطريقتها قائلةً: “بعدما أنهيت عزفي على خشبة المسرح أمام الجمهور في تايوان، استحضرت ذكرياتي في سورية، فتحدثت للجمهور عن معاناة اللجوء ومغادرة الوطن الذي كبرت به، والقصص التي طاردت الملايين من السوريين، لم أنسَ الحديث عن الحرب التي أحرقت قلوبنا”، بكى الجمهور بشدة متأثراً بكلام سما واقفين يحيون ولاءها لوطنها.
نجاحٌ مبهر
وصلت “سما” للمرحلة النهائية مع خمسة منافسين من مختلف الدول، وبعد إعلان النتيجة حصلت على المرتبة الأولى، متفوقةً على جميع المتسابقين، كما حصلت على جوائز وتقديراتٍ ماديةٍ ومعنوية من اللجنة المنظمة، وأصبحت أول طفلة سورية تحصل على هذه الجائزة.
تقولُ والدة سما: “كانت ابنتي شغوفةً بالموسيقى من الصغر، وتمتلك موهبة العزف منذ كان عمرها 8 سنوات، فقمنا بدعمها لتحقق أحلامها، فهي تعشق شيئاً يسمى موسيقى، وهي الآن تدرس الموسيقى وستلتحق بمدرسة التأليف الموسيقي conservatorio”.
مواهب سورية في كرة القدم
في مجال الرياضة برزت أيضاً الكثير من المواهب السورية في تركيا، ومنها الطفل “آدم متين” لاجئ سوري لم يتجاوز السادسة عشرة، فرضت عليه ظروف الحرب في سورية القدوم إلى تركيا في أوضاعٍ صعبة، ولم يتخيل حينها أن حلمه سيُولد عقب مخاض هذه المعاناة، حيث بزغ نجمه سريعاً حتى أصبح يُلقب بـ “ميسي تركيا”.
حصل “متين” على الجنسية التركية عام 2015، وبسبب موهبته الكبيرة انضم إلى المنتخب التركي للناشئين في الفئات العمرية 14 و15 و16 عاماً، وقدّم معه مستوياتٍ متميزةً.
لم يكن “آدم متين” الموهبة السورية الوحيدة التي برزت في مجال كرة القدم، بينما كان هناك مواهب سورية أخرى عديدة، منها الأخوان “حمزة 12 عاماً، وبلال 11 عاماً”، اللذان تألقا بالتفنن بمهارات اللعب، رغم صغرهما في السن، حيث تشاركا الطموح وشغف كرة القدم.
تقولُ والدة الطفلين لموقع نداء بوست: إن “والدهما بدأ يلاحظ مهارات أطفاله، عندما كانَ يشاهدهم وهم يلعبون في ملعب المنطقة، وأدرك حينها بأن هناك موهبة يتوجب تطويرها”.
دور الأهل في تنمية مواهب الأطفال
قرر والدا حمزة وبلال تسجيلهما في نادٍ لكرة قدم، ليتمكنا من تطوير موهبتهما في الملعب، حيث إن حمزة صاحب إمكانيات متنوعة، ويجيد اللعب في كل المراكز: الدفاع أو الوسط أو الهجوم، أما بلال فيجيد اللعب أكثر في موقع حراسة المرمى.
وأضافت السيدة بقولها: “لدى حمزة وبلال اطلاع واسع على الأندية الأوروبية وأسماء اللاعبين ومواقعهم في الدوري الإسباني والألماني والإنكليزي، وحريصون على متابعة المباريات في تلك الدوريات بشكلٍ منتظم، حتى لو كان موعد المباراة في وقتٍ متأخر، فلديهم عشق لا ينتهي للكرة”.
وتقول والدتهما “الأمر لا يقتصر فقط على مجرد مشاهدة مباراة على التلفاز من أجل المتعة فقط، بل يراقبون جيداً حركات اللاعبين الأوروبيين خلال المباراة، ويطبقونها في اليوم التالي أثناء التدريب كي تزداد خبرتهم أكثر”.
“حمزة شغفه أن يحترف كرة القدم ويصبح لاعباً مشهوراً يضيء اسمه في عالم الأندية العالمية، وكذلك بلال الذي يرى أن كرة القدم ممتعة جداً.
أرقام كبيرة في تعداد المواهب السورية، الذين برعوا بها فهم ينمون المواهب ويطورون أنفسهم، يتألقون في الرسم والفن والرياضة والغناء فلا نهاية للموهبة ولا حدود للتوقف، فهناك العديد من هؤلاء الأطفال البارعين، وأمثلة ترقى بها كلُ الأمم فهي فخر لوطنهم سورية، يخطون قصص نجاحٍ مبهرة، في دول اللجوء.
يُذكر أن عدد السوريين المسجلين رسمياً تحت بند الحماية المؤقتة في تركيا، 3 ملايين و654 ألفاً و866 مواطناً سوريّاً، بينما بلغ عدد السوريين العائدين إلى بلادهم 521 ألفاً و39 مواطناً سوريّاً، وَفْق آخِر إحصائية لوزارة الداخلية التركية.