نداء بوست-كندا الأحمد-تحقيقات ومتابعات
“لقد قمنا بتجاوز جميع العقبات، ووفقاً لقوانين وضعتها وزارة الصحة التركية استطعنا أن نعمل بشكل قانوني بعياداتٍ مرخصة، وشهادات معترف بها ونتعامل مع المرضى السوريين باللغة العربية، ولا نواجه أي مشكلة متعلقة باللغة التركية فأصبحَ الأطباء هنا متقنين للغةِ التركية إلى جانب اللغة الإنكليزية“.
بهذه الكلمات يتحدث أحد الأطباء السوريين العاملين في المراكز الطبية في مدينة إسطنبول لموقع “نداء بوست” عن مغامرة الأطباء السوريين التي تكللت بالنجاح والتفوق في المجال الطبي.
ويضيف خلال حديثه أن “القانون التركي يُسير العملية الطبية والالتزام بالتعليمات التي تضعها وزارة الصحة هي عبارة عن مراحل، لكي يتم تعديل الشهادات الجامعية وفقاً لقانون وزارة التعليم العالي “,فهناك معايير اتبعناها ضمن الخطة المقررة لانضمامنا تحت مسؤولية واتحاد نقابة الأطباء التابعة لوزارة الصحة رسمياً”.
مهنية عالية
ويشير الطبيب السوري الذي فضل عدم الكشف عن اسمه “نحن خضعنا لقوانين محددة من حيث شكل البناء والمساحات والتصميم وعدد الغرف والأجهزة الطبية المتواجدة في العيادات بحيث تكون متطابقة بكل المقاييس ’ على سبيل المثال مساحة الغرفة الواحدة لا تقل عن 16 متر”.
هذه كلها معايير للالتزام بالوصف المقرر لإعطاء الرخصة للمراكز الطبية أو العيادات الخاصة بحسب كلام الطبيب.
ولفت في قوله “نعمل ضمن مركز طبي موحّد يشمل العديد من الأطباء السوريين الذين كانوا قادرين على معادلة الشهادة الجامعية، وذكر بأن رغم التكلفة العالية لتعديل الشهادات الطبية فلم يكن هناك أي رادع لإكمال المسيرة الطبية”.
تجربة فريدة
طبيب سوري أخر “لنداء بوست” في مدينة إسطنبول فضلَ عدم ذكر اسمه ” البداية كانت من الصفر، تمنينا أن نقدم هذه الخدمة في بلدنا وعلى أرض سورية لكن شاء القدر بأن نعمل بجهدٍ ونتحدى الصعاب بأن نفتتح عيادات ونستقبل المرضى ونشخصهم وإذا اضطر الأمر نحيل هذه الحالات إلى المستشفيات التركية”
ولفتَ بقوله “أن ذلك تم بفضل الله وقدره بالإضافةِ للعمل الشاق، كنا نعمل ليلاً نهاراً لنثبت أنفسنا في الغربة، كأطباء احتجنا أن تكون هذه الفئة أيضاً من مقومات المجتمع السوري لأن سورية تحتاج الطبيب والمهندس والمعلم”
فضلاً عن المرضى الذين يتوافدون إلى عيادات الأطباء السوريين من جميع الجنسيات العربية، فاكتسبوا شهرةً واسعة في مدينة إسطنبول رغم القيود المفروضة على العيادات السورية.
ويقول طبيب سوري أخر: إن “من أبرز المشاكل التي تواجه الطبيب السوري هي عدم وجود ترخيص رسمي للعيادات الطبية، وفي حال تم تعديل الشهادة الطبية في وزارة التعليم العالي فإن هذا لا يتوافق مع الظروف المحيطة بأي طبيب لأن ذلك يحتاج إلى تحضير مسبق للامتحان المعياري الذي تضعه الوزارة، فضلاً عن اتقان اللغة التركية بشكل جيد جداً”.
ويؤكد الطبيب أن “في حال تم إعطاء الرخصة وتعديل الشهادة فيكون فقط لتخصص الطب العام ولا يوجد من ضمن ذلك الطب المتخصص وبالتالي الطبيب فقط يزاول مهنة الطب بعيداً عن القوانين والقيود لكن بطريقة مهنية وبإشراف طبي كامل وبتواصل مع أطباء أتراك يعملون في المستشفيات التركية”
وأضافَ “أننا كأطباء نأمل بأن نكون قادرين للعمل ضمن نطاق المشافي التركية لأننا الآن استطعنا أن نتخطى عقبة التواصل بيننا وبين الأطباء الأتراك وباتت عملية تعاونية من خلال المعاينات والإحالات وأنواع الأدوية في الوصفات الطبية التي أصبحت واضحة من ناحية اللغة التركية”.
وأعرب عن أمله في عودة الاجتماعات السابقة التي ناقشت تشكيل نقابة للأطباء السوريين لتسهل حل المشكلات عن طريق هيئة نقابية”.
على أمل مستقبلٍ زاهرٍ للشباب السوري الذي يطمح بأن يصبح طبيباً ويخدم أبناء شعبه، قصص يرويها أبناء سورية يخطون المعاناة بابتسامة أملٍ خافتة بوعيٍ لم يوقفهم في بلاد اللجوء. أظهرت قدراتهم الكفاءة التي برع بها السوريون قديماً في مجال الطب وصناعة الأدوية مستمرين مضياً لتقديم مسيرةٍ حافلة بالنجاحات التي يفتخر بها كل سوري.
دور الأطباء السوريين في مواجهة جائحة كورونا
كان للأطباء السوريون دور في مكافحة الجائحة التي غزت العالم وتميزَ الأطباء السوريون إلى جانب زملائهم الأتراك ويضطلع الأطباء السوريون في تركيا بدور كبير في تقديم الرعاية الطبية للاجئين السوريين وللجالية العربية وسط مطالب لدمجهم في القطاع الصحي في عامة البلاد.
تعديل شهادة الطب
وينص القرار الساري حالياً للعمل في المشافي التركية على معادلة الشهادة الجامعية بالنسبة للأجانب، وإتقان اللغة التركية بعد أن كان مزاولة مهنة الطب في تركيا هو أمر يقتصر على المواطن التركي فقط اعتماداً بقي الأمر كذلك حتى العام 2011 حيث قام وزير الصحة السابق “رجب أكداغ” بترتيب قانون تم الموافقة عليه في البرلمان التركي يسمح للطبيب الأجنبي بالعمل في القطاع الخاص فقط بشرط أن يكون
حاصلاً على شهادة من الجامعات التركية أو يمتلك معادلة من الدولة التركية لهذه الشهادات، وأن يكون متحدثاً بشكل جيد للغة التركية .
موضوع اللغة هو موضوع مهم جداً، حيث إن امتحانات المعادلة متوفرة فقط باللغة التركية، ولهذا يجب على الطبيب الأجنبي أن يبدأ مسيرة معادلة شهاداته بدخول معهد رسمي لتعلم اللغة التركية، فأجد الأمور المطلوبة منه مستقبلاً للحصول على إذن عمل سيكون أيضاً شهادة إتقان اللغة التركية بمستوى لا يقل عن B2.
وتجدر الإشارة أنه لا توجد دراسة رسمية صادرة من قبل الجهات المختصة التركية لتحديد عدد الأطباء السوريين لكن يرجح أن العدد التقريبي 4 آلاف طبيب سوري في تركيا.