نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
مرّت تغريدة الأمير حمزة الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني، في غرّة شهر رمضان المبارك، مرور الكرام، على الأردنييْن: الرسمي والشعبي.
وفي حين ملأ الخلاف الماضي بين الأمير ومؤسسة القصر، الدنيا وشغل الناس، وكاد يشق الصف، فإن كثيراً من الأردنيين رأى في رسالة الاعتذار التي أرسلها الأمير لأخيه الملك في الثامن من آذار/ مارس الماضي، طياً لهذا الملف المقلق، ولتلك الزوبعة التي مرّت بسلام، فإذا بتغريدته الغاضبة المفاجئة غير المفهومة ليس من الناس العاديين فقط، ولكن أيضاً من المحلّلين، جعلت رد الفعل الأسلم والأسهل والأول هو الفتور، كما لو أن التغريدة لم تُغرد، أو أن الحروف أخطأت مواضعها فيها.
نَشَرَ الأمير التغريدة على حسابه في موقع “تويتر” يوم الأحد الماضي الثالث من نيسان/ إبريل الحالي، أي بعد أقل من شهر على “توبته” المعلنة للملأ، فما الذي طرأ؟
الممعن في سطور التغريدة يلحظ داخل حروفها استلاب نحو “نوستالجيا” تجعله لا ينسجم مع كل ما هو جديد، ويظل قابعاً في فترة حكم والده الملك الراحل الحسين بن طلال: “بعد الذي لمست وشاهدت خلال الأعوام الأخيرة، قد توصلت إلى خلاصة بأن قناعاتي الشخصية والثوابت التي غرسها والدي فيّ، التي حاولت جاهداً في حياتي التمسك بها، لا تتماشى مع النهج والتوجهات والأساليب الحديثة لمؤسساتنا”.
المحلل السياسي الأردني عامر السبايلة يذهب خلال مداخلة له على قناة “فرنسا 24″، إلى الاستنتاج نفسه المتعلق بانسلاخ الأمير حمزة عمّا يجري حوله: “الرسالة تحمل في طياتها كثيراً من النقد ونوعاً من الانسلاخ عن الواقع الجديد عندما يتحدث عن سياسات وتوجهات الأردن الحالي، وأنه ينتمي إلى أردن سابق فهناك رغبة في وضع خط فاصل بين أردن مضى، أردن الملك حسين وأردن حالي لا يعتقد أنه يستطيع أن يمثله، ويعزله، ويفسر رغبته في ترك اللقب لأنه لم يعد قادراً أن يخدم في هذه الجزئية”.
أستاذ العلوم السياسية والاستراتيجية الأردني عصام الملكاوي يحمّل التغريدة بعداً يجعلها أكبر من مجرّد حنين إلى الماضي، أو تخبّط، أو تقلّب مواقف يصعب فهمه، رائياً أن الأمير يحاول نيل تعاطف شعبي باختياره هلول شهر رمضان موعداً لإطلاق تغريدته الإشكالية تلك، وسعياً لتأكيد أنه ما يزال “رقماً صعباً” على حدّ قول الملكاوي.
ويختم الملكاوي بالقول: “مثل هذا القرار لا يتخذ ببساطة، أو بسهولة، أو بانفعال لحظي، لأن دلالته الأولى هي عودة (الأمير السابق) إلى صيغة (مواطن عادي) وبالتالي المجازفة بمساءلة محتملة أمام القانون وفقدان (حصانة اللقب) التي دفعت أصلاً، منذ الإعلان عن (فتنة نيسان) الشهيرة العام الماضي، الملك عبد الله الثاني لقرار التعامل مع الجزء المتعلق فيها بأخيه ضمن النطاق العائلي”.
أجواء الشهر الفضيل، والمخاوف المتزايدة يوماً إثر آخر أن تتسبب الحرب الروسية على أوكرانيا بازدياد أسعار سلع أساسية، والتعلق بفرصة جائزة رمضانية هنا أو هناك، جعلت آخر همّ الأردنيين تغريدة نُشِرت على موقعٍ معظمهم ليسوا أعضاء فيه.