نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
نذرت مواقع التواصل الأردنية نفسها منذ صباح اليوم لشأن واحد فقط، هو استشهاد الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة الزميلة في قناة “الجزيرة”. وعمّ الغضب العارم في المنصّات جميعها على جريمة الاحتلال الإسرائيلي البشعة المنفذة بدم قنّاص بارد، والمستهترة بكل الشرائع والأعراف والقوانين لحظة إطلاق الرصاص على صحفية خلال عملها ترتدي مختلف مستلزمات حفاظها على حياتها والحيلولة دون وقوع أي اعتداء عليها.
كانت الزميلة بحسب الأخبار المتدفقة منذ صباح اليوم الأربعاء 11 أيار/ مايو 2022، عند مداخل مخيم جنين شمال الضفة الغربية بعد ورود أخبار إليها عن نية الاحتلال الغاشم اقتحامه وربما إعادة مشاهد اجتياحه قبل 20 عاماً، وصلت هناك عند السادسة صباحاً، وتوافد إلى عين المكان نفسه، مراسلون ومراسلات لعديد القنوات التلفزيونية والصحف والإذاعات والمواقع الإخبارية الفلسطينية والعربية والدولية، وأمام هؤلاء جميعهم، وأمام رصادات كاميراتهم، استهدفتها رصاصة الغدر في رأسها على الهواء مباشرة وتحديداً أسفل الأذن في منطقة لا تغطيها الخوذة التي كانت ترتديها، واستهدفت زميلها علي السمودي المنتج في قناة الجزيرة برصاصة غير قاتلة في ظهره.
الفنان زهير النوباني غيّر صورة بروفايله واضعاً صورة للشهيدة تطل فيها من خارطة فلسطين ومكتوباً عليها آخر ما أرسلته شيرين لقناتها: “أوافيكم بالتفاصيل عند اتضاح الصورة”، وتحتها تعليق: “اتضحت الصورة وغابت التغطية”. وعلى الصورة أيضاً تاريخ ميلاد شيرين في العام 1971، وسنة استشهادها، وعبارة “شيرين أبو عاقلة.. كلمة لا تموت”. كثيرون وصفوا اغتيال أبو عاقلة بنقطة تحوّل سوف تغير طريقة تعامل الغرب عموماً مع القضية الفلسطينية. وكثيرون رأوا في رصاصة الغدر “غلطة الشاطر” التي ستضع دولة الاحتلال في دائرة الشك الغربية، وتزيد التوتر بين إسرائيل وبين أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وهو التوتر الذي نشأ وتصاعد خلال الشهور الثلاثة الماضية، نتيجة موقف إسرائيل المتردد من عدوان روسيا على أوكرانيا.
الدكتورة دورنتين خضر كتبت على صفحتها: “قبضة القلب اللي أصابتني منذ الصباح تزيد مع كل فيديو وكل صورة للواقعة. وجع وقهر وخذلان تجسد جميعه مع تفاصيل استشهادها. هم قنصونا كلنا كلاً في بيته وكل عربي يتابع الجزيرة، أو لمجرد أنه عربي ومن دون أن يفتح على قناة الجزيرة هو كان مستهدفاً، وكل شخص حر يبحث عن الحقيقة كان مستهدفاً”، إلى أن تقول: “صوت الحق ما بموت وربنا سوف ينتقم لنا منهم واحداً واحداً”. دورنتين تعيد التأكيد على أن استهداف شيرين هو استهداف لنا جميعنا، خاتمة بالقول: “لازم انتفاضة، لازم فورة، لازم نقوم من أماكنا ونحارب بكل إشي، فالحياة في بلادنا تموت مع موت كل صوت حر. شيرين أبو عاقلة صوت حق لن يتكرر.. الله يرحمها ويغفرلها ويتجاوز عن سيئاتها شهيدة الحق”.
ولدت شيرين أبو عاقلة في القدس المحتلة عام 1971. أنهت دراستها الثانوية في مدرسة راهبات الوردية في بيت حنينا/ القدس.
درست في البداية الهندسة المعمارية في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الأردن، ثم انتقلت إلى تخصص الصحافة المكتوبة، وحصلت على درجة البكالوريوس من جامعة اليرموك في الأردن.
عملت في عدة مواقع مثل وكالة الأونروا، وإذاعة صوت فلسطين، وقناة عمان الفضائية، ثم مؤسسة مفتاح، وإذاعة مونت كارلو، وفي العام 1997، انتقلت للعمل مع قناة “الجزيرة” الفضائية وظلت فيها حتى استشهادها صباح هذا اليوم.