نداء بوست- ملفات- لندن
سلط مركز ”أبعاد للدراسات” الإستراتيجية، الضوء على اتفاقيات التطبيع التي وقّعتها بعض الدول العربية مع إسرائيل، أواخر عام 2020، والتي جرت في البيت الأبيض برعاية من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
وأشار المركز إلى أن تلك الاتفاقات جاءت في ذلك الوقت ”بشكل مفاجئ”، حيث لم تُسبق بالكثير من التمهيد، وتلاها الكثير من التوقُّعات والتصريحات التي تُشير إلى أن قطار التطبيع، سيستمر بصورة سريعة ليشمل دولاً عربية عديدة، حيث كانت أبرز التوقعات تُشير إلى السعودية والسودان وعُمان.
وأيّاً من ذلك لم يحصل، إذ لم تنضم أي دولة أخرى، رغم حصول لقاءات علنية أو غير علنية في ذلك الوقت بين مسؤولين إسرائيليين وآخرين من السعودية والسودان، وفقاً للمركز.
وجاء توقيع الاتفاقيات في الشهور الأخيرة من ولاية ترامب، حيث كان يبحث آنذاك عن إنجازات قابلة للاستخدام في حملته الانتخابية، وكان مستعدّاً مقابل ذلك لتقديم تنازُلات كبيرة، كما حصل في حالة الاعتراف بمغربية الصحراء الغربية.
وحول المكاسب التي كانت تطمح الدول المُطبِّعة بتحقيقها وتحديداً الإمارات، قال المركز: إن الأخيرة ”كانت تبحث عن بوليصة تأمينها الخاصة في حالة خسارة ترامب للانتخابات، وهو ما حصل بالفعل، حيث تجنّبت إلى حدٍّ ما الإجراءات العقابية التي نفذتها إدارة بايدن بحقّ حلفاء ترامب في المنطقة، كما كانت تسعى لبناء تحالُفاتها الخاصة، في الوقت الذي أدركت فيه أن السعودية قد بدأت بالاستعداد لتغيير تموضعاتها وتحالُفاتها، وهو ما حصل أيضاً”.
وعن الموقف السعودي من تلك الاتفاقيات، أشار المركز إلى أن الرياض تموضعت بشكل رماديّ منها، ”إذ لم تنضمّ إليها، ولكنها دعمتها سياسياً وإعلامياً، وقدّمت إشارات إيجابية لأطرافها، كان أبرزها بشكل مُعلَن فتح الأجواء السعودية أمام الطائرة التي أقلَّت وفداً أمريكياً برئاسة صهر الرئيس ترامب ومسؤولين إسرائيليين من تل أبيب إلى أبو ظبي، ثم قرارها في تموز/ يوليو 2022 فتح الأجواء السعودية بشكل كامل أمام الطيران الإسرائيلي”.
ولفت المركز إلى أن إسرائيل استفادت بشكل كبير من هذه الاتفاقيات في توسيع حضورها في المنطقة العربية، وفي فرض خطابها السياسي، وتمكين تحالُفها الإقليمي أمنياً وسياسياً.
وأوضح أن ”النجاح الإسرائيلي انعكس خلال الصدامات المسلحة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية خلال عامَيْ 2021 و2022، حيث اتَّسم الخطاب الإعلامي والسياسي للدول المُشارِكة في هذه الاتفاقيات والداعمة لها بالتعاطي مع الأحداث بشكل حيادي في أفضل الأحوال، بما حدّ من المواقف الشعبية المعتادة في مثل هذه الظروف، كما تمكّنت من توسيع حضورها الأمني والعسكري في الخليج العربي، بما عزّز من تفوُّقها في هذا المجال”.
وأضاف: ”بطبيعة الحال فإنّ الدول المطبِّعة لن تحصل على حضور أمني مقابل في إسرائيل. ولكنها رفعت من مستوى استفادتها من الدعم التقني واللوجستي الأمني الإسرائيلي، بما ساعدها على تعظيم قدراتها الأمنية في مواجهة خصوم الداخل والخارج”.
ورأى المركز أن تلك الاتفاقيات بطابع “أمني- سياسي” لا اتفاقيات سلام، ”فهي لم تَجرِ ستشهد بين أطراف متحاربة أو خاضت أي نوع من الحروب فيما بينها أصلاً، ولا هي حتى أطراف متجاورة جغرافياً، كما هو الحال في اتفاقيات السلام المصرية والأردنية مع إسرائيل”.
واستبعد المركز أن تتوسع خارطة الدول المطبِّعة مع إسرائيل، على المدى المتوسط، أي حتى عام 2025 على الأقل، حيث يعتمد هذا المسار إلى حدّ كبير على نتائج الانتخابات الأمريكية القادمة، وما إذا كانت واشنطن عودة إدارة مستعدة لمكافأة المطبِّعين، أو تدفعهم للتطبيع سعياً لحماية مصالحهم.