المصدر: مؤسسة التراث الأمريكية
ترجمة: عبد الحميد فحام
بقلم: بيتر بروكس وجيمس فيليبس
إن مفاوضات إدارة بايدن مع النظام الإيراني حول برنامجها النووي المُهدِّد بشكل متزايد على وشك الانهيار. فبعد أكثر من عام من الاجتماعات، فشلت إدارة بايدن في إصلاح أوجُه القصور التي دفعت الرئيس ترامب إلى الانسحاب من الاتفاق النووي الأصلي الذي تفاوضت عليه إدارة أوباما في عام 2015.
وقد توقفت محادثات فيينا حول إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة (المعروفة أيضاً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة أو الاتفاق النووي الإيراني) في شهر آذار/ مارس، بعد أن طالبت روسيا بالحصانة من العقوبات المُتعلقة بأوكرانيا مقابل مليارات الدولارات التي ستجنيها مقابل العمل النووي في إيران بموجب الاتفاق.
وبعد أن وافقت إدارة بايدن على هذه القضية، انهارت المفاوضات بسبب مطالبة إيران برفع العقوبات الأمريكية المفروضة على الحرس الثوري الإيراني بسبب تصنيفه كمنظمة إرهابية. كان هذا من شأنه أن يكافئ إيران بمزايا إضافية غير مُدرَجة في خطة العمل الشاملة المُشتركة، التي رفعت العقوبات المتعلقة بالجهود النووية الإيرانية فقط. ليس من الواضح متى -أو ما إذا كانت- ستُستأنف المحادثات.
ما هو مصير الطاقة النووية؟
أحرزت إيران تقدُّماً كبيراً في برنامجها النووي منذ أن بدأت انتهاك خطة العمل الشاملة المشتركة علناً في عام 2019. وقد تجاوزت طهران حدود الاتفاق النووي بعدة طرق، بما في ذلك القيود المفروضة على حجم مخزونات اليورانيوم المُخصّب ومستويات تخصيب اليورانيوم، واستخدام أجهزة الطرد المركزي المُتطوّرة.
وقد وضعت هذه الموارد والقدرات العلمية والتقنية إيران على طريق تطوير ونشر سلاح نووي.
إن الفشل في التوصّل إلى اتفاق يُنهي تطلُّعات إيران النووية بشكل دائم سيكون بمثابة فشل دبلوماسي كبير. كما أنه سيزعزع استقرار الشرق الأوسط وسيكون له تداعيات كبيرة على الأمن الأمريكي والدولي، بما في ذلك أن تصبح إيران دولة نووية- والمشاكل التي تأتي مع تطوُّر كهذا.
حرب في الشرق الأوسط
من المتوقع أن يثير أي دليل على تحرُّك إيران نحو تطوير و/أو نشر سلاح نووي رد فعل كبير في الشرق الأوسط بسبب التهديد الذي تشكله على إسرائيل وجيران إيران العرب، وعلى الأخص المملكة العربية السعودية.
من المرجح أن تقوم إسرائيل بعمل عسكري لمنع إيران من تطوير سلاح نووي بضرب المنشآت النووية الإيرانية، ربما بالتعاون (على سبيل المثال، حقوق التحليق) مع شركاء عرب معنيين بنفس القدر.
يجب أن نتوقع أيضاً ألا تستوعب إيران الهجمات الإسرائيلية دون رد فعل عنيف. إن طهران تمتلك أكبر ترسانة صواريخ في الشرق الأوسط، ويمكن أن يصل الكثير منها إلى مدن إسرائيل الرئيسية.
لإيران أيضاً حليف في سورية، حيث تستضيف قواعد الحرس الثوري الإسلامي الإيراني التي يمكن أن تضرب إسرائيل. وستتوجه طهران أيضاً إلى حزب الله اللبناني، وحركة حماس في غزة، والجهاد الإسلامي في فلسطين، والميليشيات العراقية التي تسيطر عليها إيران للمساعدة في انتقامها من إسرائيل.
ومن المؤكد أن النظام الإيراني سيُلقي باللوم على الولايات المتحدة باعتبارها متواطئة في أي هجوم إسرائيلي أو أي هجوم آخر على إيران بسبب برنامجها النووي، سواء كانت متورطة أم لا. وينبغي توقُّع أن تقوم إيران ووكلاؤها بتصعيد هجماتهم المستمرة على القواعد الأمريكية ومصالحها في الخارج.
الانتشار النووي
النتيجة الأخرى لتطوير إيران سلاحاً نووياً هي أن الدول الأخرى ستواجه ضغوطاً قوية للسير على نهج إيران. إن المعضلة الأمنية التي أوجدتها إيران بوصفها دولة نووية من شأنها أن تُحفّز سباق تسلّح إقليمي على المستوى التقليدي- وربما النووي.
بينما يُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل دولة تمتلك أسلحة نووية، فإن المرشحين الرئيسيين لسلسلة من الانتشار النووي الجديد تشمل القوى الإقليمية الأخرى كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وتركيا.
إلى جانب الزيادة في التوترات الإقليمية الناجمة عن الاختراق النووي الإيراني، فإن الجهود المبذولة لموازنة ترسانة الأسلحة النووية الإيرانية ستضيف عبئاً جديداً على معاهدات وأنظمة وقواعد الحد من التسلّح العالمي ومنع الانتشار.
عندما يصبح بلدٌ ما دولةً تمتلك أسلحة نووية، يتم تعزيز مفهوم نفوذ وتأثير ذلك البلد ومكانته وحتى شرعيته بشكل كبير، وعادة ما يكون ذلك على حساب الآخرين، وخاصة المنافسين والأعداء الإقليميين.
نظراً لرادعها النووي الجديد، ستحصل إيران على حرية عمل جديدة لتصعيد سياساتها الاستفزازية، بما في ذلك حملة للهيمنة الإقليمية المعادية للولايات المتحدة وسياساتها المعادية لإسرائيل ودعمها للمنظمات الإرهابية الدولية.
وبالنظر إلى التطلعات الإيرانية، فإن إيران النووية ستغير بشكل كبير ميزان القوى في الشرق الأوسط، مما يزيد من زعزعة الاستقرار في منطقة مهمة تلعب دوراً حاسماً في إمداد العالم بالطاقة.
لسوء الحظ، فإن إمكانية التوصّل إلى حلّ دبلوماسي سلمي للتهديدات التي يُشكلها برنامج إيران النووي تبدو بعيدة في هذه اللحظة، مما يعني أن الولايات المتحدة وحلفاءها وشركاءها بحاجة إلى البدء في التفكير في التعامل مع أوقات أكثر خطورة في المستقبل.