نشرت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام مقالاً أمس، تتحدث فيه عن مساعي تركيا للتطبيع مع النظام السوري، من خلال إرسال عدد من الرسائل التي يحمل بعضها مؤشرات إيجابية لإعادة تحسين العلاقات بين أنقرة ودمشق، بالتزامن مع وجود عدة عراقيل تمنع عودة تلك العلاقات.
وعرضت الصحيفة ثلاثة مؤشرات إيجابية تدلّ على احتمال عودة العلاقات السياسية بين النظام السوري وتركيا.
أولاً-توجُّه تركيا لافتتاح المعابر في الشمال السوري، وذلك بعد إعلان النظام افتتاحه لمركز “التسوية” ضِمن إطار المصالحة في خان شيخون بريف إدلب، وهو ما يعني أن أنقرة تحاول الإيحاء بالتعاطي إيجابياً مع مساعي الأسد لإجراء تسويات تمهّد لعودة السوريين من مناطق سيطرة المعارضة أو من المخيمات في الأراضي التركية، وهو ما دفع تركيا للضغط على فصائل المعارضة لافتتاح ثلاثة معابر في ريفَيْ إدلب وحلب.
وقد تبدأ بمعبر «أبو زندين» على أن يعقبها معبرَا «ترنبة وميزناز» بعد تأهيلهما لوجستياً، وتهدف تركيا من ذلك إلی تطبيع العلاقات الاقتصادية الجزئية بشكلٍ غير مباشر مع النظام السوري، وهو ما يتطلب تنسيقاً أمنياً وصولاً لتنسيق سياسي، وَفْق زعمها.
وترى صحيفة “الوطن”، أن افتتاح المعابر الثلاثة في الشمال السوري، سيشكّل تناغُماً بين توجُّهات أنقرة للتخلص من أعباء اللاجئين السوريين، ومساعي الأسد بإجراء تسويات لهم، يتزامن ذلك مع مسارعة تركيا لتوحيد الفصائل ودمجها في جسم عسكري موحَّد يكون خاضعاً لها، ويقلّل فرص استثمارها من دول أخرى، ولا سيما الولايات المتحدة الأمريكية الرافضة لأي مصالحة تركية سورية بواسطة روسية وإيرانية.
ثانياً- حالة التخبط التي بدأت تنتشر في صفوف «الائتلاف الوطني»، الذي وإنْ لم يتلقَّ طلباً رسمياً لوقف نشاطاته في تركيا، إلا أنه بدأ يتلمس تغييراً في التعامل التركي الرسمي معه، وبرز ذلك سواءً من حيث عدم تغطية نفقة بعثته التي غادرت نيويورك لحضور اجتماعات الدورة 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أو من حيث تخفيض مستوى تمويل نشاط الائتلاف وإبلاغ أعضائه في أثناء اجتماع شهدته أنقرة نهاية شهر آب الماضي، جمع ممثلين عنه مع مسؤولين في الخارجية التركية، بخفض رواتب أعضائه.
ثالثاً- على الرغم مما تضمنه بيان حركة حماس، من غزل واضح لدمشق وإعرابها عن تضامُنها معها ضد الاعتداءات الإسرائيلية في إطار مساعيها لتصحيح علاقاتها مع النظام السوري، غير أن هذا الإعلان في موقف حماس، ما كان ليحصل من دون ضوء أخضر ممنوح لها من قِبل تركيا.
عراقيل تمنع إعادة العلاقات
وأشارت صحيفة الوطن، أن تلك المؤشرات الثلاثة من الجانب السياسي تحمل بوادر إيجابية لعودة العلاقات بين أنقرة ودمشق، إلا أنه لا يمكن اعتبارها خطوات جادة، في ظل وجود عدة عراقيل تمنع إعادة تلك العلاقات بين الطرفين.
1- استمرار الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان برفع سقف مطالبه، وكان آخِرها ما تضمنه خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، عندما اشترط نقل اللاجئين نحو مدن «الطوب» الممولة قطرياً لتتبع إدارياً تركيا، بالتزامن مع رفض أنقرة لبحث ملف انسحاب قواتها من سورية وطرحها مُقارَبة «الخُطوة مقابل الخُطوة» وذلك في أثناء اجتماع وزراء خارجية «أستانا» على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة.
2-المسارعة الأمريكية لقلب الطاولة وخلط الأوراق مجدداً على خصومها وأصدقائها في سورية، بهدف توسيع دائرة صراعها مع روسيا، وتجلى ذلك في الاجتماعات المتتالية التي ضمت مسؤولين سياسيين وأمنيين أمريكيين مع أعضاء من الائتلاف الوطني والحكومة السورية المؤقتة في نيويورك، أثناء اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة، لبحث عودة النفوذ والدور الأمريكي في إدلب.
وأوضحت “الوطن” أن مساعي أمريكا لإعادة فرض نفوذها في سورية، تمثلت في تشكيل جسم عسكري موحَّد رافض للتوجهات التركية، إلى جانب تبني مشروع هادف لإنعاش اقتصادي للمنطقة، سرعان ما تُرجم واقعياً من خلال إرسال وفد من المستثمرين ذوي الجنسيات المختلفة للمنطقة الشمالية الغربية من سورية، لبحث فرص الاستثمار ودراسة احتمال ضمّها للمناطق التي تسيطر عليها ميليشيات «قسد» وإعفائها من «قانون قيصر».
وختمت الصحيفة مقالها بالقول: إن المؤشرات التركية هي بوادر إيجابية، ولكنها ليست جديرة بالرهان لكونها جاءت نتيجة الحاجة التركية للمصلحة التي تربطها مع روسيا، وهذه المصلحة قد تتبدل في إطار تغيير الموازين لتنقل تركيا بمرحلة معينة للحضن الأمريكي.