في أيار/ مايو عام 2011، وقّع حوالي 1200 شخص (من بينهم فنانون) في سورية على بيانٍ لفكّ الحصار عن درعا، عُرف وقتها بـ "بيان الحليب" الذي يُعتبَر أول موقف رسمي أسهم بفرز الفنانين بين فريق يؤيّد الثورة السورية وآخر يقف إلى جانب النظام السوري.
فنانون مؤيدون للأسد!
بعد إعلان "بيان الحليب" بدأ عشرات الممثلين بالظهور الإعلامي عَبْر وسائل الإعلام الرسمية للتعبير عن موقفهم، الذي يتمثّل بمناصرة النظام السوري ضدّ معارضين يرون أنّهم في صفّ "الثورة السورية" ضدّ عنف النظام وقمعه للمدنيين.
"بشار إسماعيل، أنطوانيت نجيب، هالة شعراوي، دريد لحام.." وغيرهم الكثير من الممثلين الذي دافعوا لسنوات عديدة عن النظام السوري، وانتقدوا بشكل حادّ زملاءهم المعارضين وبقيّة السوريين بسبب معارضة النظام السوري.
لاحقاً ستخفت نبرة التأييد، بسبب تردِّي الأوضاع المعيشية، وتتحول إلى انتقاد لاذع يصل بشكل علني إلى رئيس الحكومة في أعلى تقدير.
"بشار إسماعيل":
بدأ بشار إسماعيل، بتلميع صورة النظام السوري، منطلقاً من الثّكنات العسكرية، لاسيما الصورة الشهيرة التي ظهرت له في وقت سابق، وهو يقبّل بسطاراً لجندي في قوات النظام السوري، داعياً إلى الوقوف إلى جانب قوات النظام.
وبعد تشكيك بالصورة التي انتشرت لـ "إسماعيل" في عام 2015، أكّد صحّتها، وأعرب عن "فخره الشديد بما فعل واعتزازه بكل جندي في الجيش السوري الواثق من انتصاره في نهاية الحرب" وَفْق قوله.
بعد سنوات، ووسط تراجُع الوضع المعيشي في سورية، بدأ الممثل ذاته، بالظهور بشكل متكرِّر عَبْر الإعلام أو في حساباته عَبْر مواقع التواصل الاجتماعي، وانتقاد الوضع الذي آلت إليه مناطق سيطرة النظام السوري، متناسياً حملاته السابقة التي تتحدث عن "انتصار" نظامه وبَدْء مرحلة جديدة.
وفي آخِر تصريح له، قال "بشار إسماعيل" عَبْر إذاعة محلية موالية: إنّه يفكّر بالسفر (في إشارة إلى دولة الإمارات) قائلاً: لا ينفع بقائي في مكان لا يليق بي وبمكانتي والأجدر عليَّ أن أتركه، وأنطلق نحو المستقبل.
وتحوّلت صفحته مؤخراً، إلى ساحة مفتوحة لشنّ هجوم على حكومات النظام السوري المتعاقبة، ووصلت به الحال للحديث عن صعوبة في تأمين مادة الخبز، عدا قطع الكهرباء، متجاهلاً سنواته الماضية التي قضاها في تمجيد النظام.
غسان مسعود:
ظلّ الممثل "غسان مسعود" صامتاً عن التعبير عن رأيه تجاه الثورة السورية لأكثر من سنة، عقب انطلاق الثورة، لكنّه بدأ في عام 2012 بالترويج للنظام السوري، وإعلان تأييده له. حتى أشهر متأخرة.
ومع تردي الأوضاع المعيشية، قال "مسعود" خلال مقابلة نشرتها إذاعة "فرح إف إم" العام الماضي، إن "السوريين يعانون اليوم بطريقة لا يمكن لأحد أن يزاود عليهم بأي شعار مهما كان، متسائلاً كيف نطلب شعارات ومواقف من مواطن مطلوب منه أن يصرف شهرياً 400 ألف ليرة سورية، بينما راتبه 40 ألف؟".
"هدى شعراوي":
منذ بَدْء الثورة السورية، بدأت "هدى شعراوي" بتأييد بشار الأسد عَبْر الإعلام، وتكرر ظهورها في الكثير من المواقف التي تتحدث فيها عن النظام السوري وقواته، إلّا أنّ لقاءً ظهرت فيه مؤخراً، أحدث ضجّة كبيرة، كاشفة عن سوء الوضع المعيشي في دمشق.
قالت "شعراوي" المشهورة بدور "أم زكي" نسبة إلى مسلسل "باب الحارة": "رأيت شخصاً في منطقة باب سريجة بدمشق يبيع ابنه، لأن لديه 6 أطفال غيره ولا يملك شيئاً لإطعامهم".
وأضافت: "أرى كثيراً من المواطنين يلتقطون الطعام من حاويات القمامة، كالبندورة المعفنة، والقرنبيط"، داعية "بشار الأسد" إلى الوقوف مع الناس، الأمر الذي تسبَّب لها بإحراج أمام النظام السوري لما اعتبره مخاطبة للأسد عَبْر الإعلام في أمر خدمي، فتراجعت عن تصريحها في وقت لاحق.
"دريد لحام":
وقف "دريد لحام" مع النظام السوري وقواته، منذ بَدْء الثورة السورية، ودافع بشكل فاضح عن النظام وحزب الله وإيران وروسيا، ولعب دوراً مهماً في ذلك، كونه يمتلك قاعدة شعبية لدى الجمهور السوري والعربي، مشكِّلاً صدمة في الوقت نفسه لملايين السوريين والعرب، لكونه ظلّ يمثّل لعشرات السنين، ضدّ الحكومات وضدّ الفساد، إلّا أنه اتّخذ طريقاً مخالِفاً مع بداية الحراك في سورية.
مؤخراً، بدأ "لحام" كغيره من الفنانين الموالين باتّخاذ موقف منتقد لما كان قبل سنوات يصمت عنه، ففي آخِر حوار أجرته صحيفة "إندبندنت عربية" قال "لحام": الأزمة في سورية أولها فساد، وآخِرها فساد، وإذا لم يُقضَ على الفساد فإن الأمور ذاهبة إلى الأسوأ"، معتبِراً أن المسألة تحتاج جرأة من "السلطات".
وطالب دريد حكومة النظام السوري بتقديم "توضيحات للناس حين إزاحة مسؤول عن منصبه، وتفسير ما إذا كان القرار بسبب عدم كفاءة المسؤول أو فساده"، مشيراً إلى أن "هذه الأمور تجري دوماً بشكل معتم ولا يعرف الناس ماذا يحدث حيالها".
في سياق آخر، قال "لحّام": أتمنى حذف كل قصائد وأغاني بردى من القاموس الثقافي، معلِّلا ذلك بالقول: (إذا بتروح بتشوف بردى بتحزن بتقول يمكن الله غضبان علينا).
"أنطوانيت نجيب":
وقفت "أنطوانيت نجيب" إلى جانب النظام منذ بَدْء الثورة السورية، وحتى موعد انتخابات "بشار الأسد"، التي رقصت فيها مع ترويجها له، إلّا أنّها بعد الانتخابات بأيام، انتقدت الأوضاع السيئة التي يعيشها السُّكّان في مناطق سيطرة النظام، مشيرةً إلى أنّ الغلاء صار "فاحشاً".
كما أنّها في آخِر حديث "إذاعي" أشارت إلى أنّ النظام السوري لم يعطِهَا حقّها في التكريم، منوِّهة إلى أنها كُرِّمت في كلّ من "قطر ولبنان والأردن".