في أول ظهور متلفز له، عقب تنصيبه نفسه رئيساً لسوريا لـ 7 سنوات جديدة، شنّ رأس النظام السوري، بشار الأسد، هجوماً على معارضيه، مستخدماً الشتائم والسباب، وموزّعاً صكوك الوطنية على مواليه، الذين أثبتوا وطنيتهم، على حدّ قوله.
وفي حين يُفترض أن يظهر "بشار الأسد" بخطاب "الرئيس المنتصر" بدا "الأسد" شاحب الوجه، محمَّلاً بمفردات هجومية ضدّ معارضيه وكلّ مَن لا يقف معه، حتّى وصل به الحال إلى كيل الشتائم بحقّ خصومه.
أشار رأس النظام السوري في حديثه إلى مَن وصفهم بـ "أعداء الوطن على اختلاف تبعيتهم وانتماءاتهم وجنسياتهم" متناسياً آلاف المقاتلين تحت غطاء "طائفيّ" في مناطق سيطرته من جنسيات "عراقية ولبنانية وأفغانية وإيرانية".
ورأى متابعون أنّ الخطاب كان فارغاً من أي معنى، وكأنّ الأسد "مأزوم" من خصومه الذين يُفترض أن يكون قد انتصر عليهم، طبقاً لما يقوله إعلامه وموالوه.
الصحفي السوري، "محمد كناص"، قال في حديث لـ "نداء بوست": إنّ "خطاب بشار الأسد فارغ من أي معنى، وكأنه خرج فقط ليشتم خصومه، خرج فقط ليغيظ معارضيه، وخرج كي يشمت بجراح الملايين الذين هجّرتهم آلته العسكرية".
وأضاف "كناص" أنّ "بشار الأسد حاول تقمُّص دور الزعيم والرئيس الشرعي في خطابه شكلاً من خلال ارتدائه ربطة عنق لونها بنفسجي على غرار ما فعله الرئيس الأمريكي جو بايدن في يوم تنصيبه رئيساً لبلاده، وفي ذلك رسائل للغرب الذي أفرغ الانتخابات من مضمونها بالتصريحات التي صدرت عن قادته، الكلام يركز على شكل الخطاب المُقتضَب أكثر من مضمونه؛ لأن المضمون مكرَّر أجوف، والناس جميعاً تدرك وتراقب منذ مدة التغييرات الشكلية التي لحقت بشخصية بشار الأسد وهو في خطابه اليوم شاحباً أقرب للمريض منه إلى الرجل المعافى".
أما الصحفي السوري "عدنان عبد الرزاق" فقد رأى بأن "خطاب نصر بشار الأسد الأخير، يؤكد أنّ المشكلة التي دفعت السوريين ليثوروا، لم تزل قائمة.. وهي الخلط بينكم وبين الوطن".
وقال "عدنان عبد الرزاق" في منشور عَبْر حسابه في "فيسبوك": مَنْ نعتهم الأسد بالخونة، حاولوا -وكلٌّ على طريقته وإمكاناته- لنقل سوريا الأسد إلى سوريا، نقلها من مزرعة ومَن فيها رعايا وعبيد ومطايا، إلى دولة ومواطنين، يتساوى الجميع فيها، حقوقاً وواجباتٍ أمام القانون".
واعتبر "عبد الرزاق" أنّ "هذا الخطاب التحريضي الإقصائي التعبوي، سينطلي على كثير من البسطاء والمغيَّبين ويرحِّب به الطائفيون والمنتفعون".
وركّز الصحفي السوري "عدنان عبد الرزاق" على أمرين اثنين. الأول: يمكن لسوريا أن تبقى ولا تفنى ولا يغتصبها الطامعون، إن حكمها أي سوري من خارج هذه الأسرة المرتبطة والخائنة لسوريا وشعبها. داعياً السوريين إلى العودة بالذاكرة لآلاف الأدلة والحوادث، لمعرفة مَن "الخائن الذي لا يربطه بالوطن، إلا قوائم كرسي الحكم".
فإن لم نقلب بدفاتر قديمة ونذكّر بالأسد الأب منذ بريطانيا ١٩٦٥ وتسليم القنيطرة ١٩٦٧ والانقلاب على أصدقائه ومعلّمه ١٩٧٠ ولا الإبادة بالسجون ومجازر حماة وجسر الشغور والقمع والتخلف وإذلال الشعب..وهكذا حتى عام ٢٠٠٠ وتعديل الدستور لتوريث قاصر.
إن قفزنا على كل تلك المحطات المهمة، لنسأل عن أمس والثورة التي تفصح بها حبيب أمه اليوم "ثوار وثيران" ألم يعترف هو ذاته ومن على مدرج جامعة دمشق، أنها ثورة سلمية خلال أول ستة أشهر؟
وبعد سرد "عبد الرزاق" لسلسلة من الحوادث الهامة في تاريخ سوريا والثورة السورية، توجّه إلى "الأسد" بالقول: "أيُّها الوريث الذي أيقن السوريون -كل السوريين- أنك كائن مريض لدرجة العدوانية، وعرفوا بالأدلة عَبْر عشر سنوات، أن همك الوحيد البقاء بالحكم والهروب من المحاسبة وكشف حقبة الوالد ومن ولد، لن يمر كلامك المدهون بوهم الوطنية على أي عاقل، وإن أثَّر لبضع دقائق لأنه «تغلفن» بالوطنية والشعارات وأضاليل عرتها سنو الثورة وعلاقتكم مع أعداء الوطن والشعب وذُلّكم المتكرر أمام إسرائيل".
والأمر الثاني، بحسب الصحفي ذاته: من حق السوريين أن يعيشوا، بعيداً عن الأوهام والشعارات وارتباطاتكم، من حقهم أن يتمتعوا بالحرية بعيداً عن سطوة ١٧ فرع أمن، وبالكرامة بعيداً عن مخاوف الفصل والسجن والجوع، من حقهم أن يتمتعوا بخدمات وعيش كريم ورفاهية، من حقهم أن يحلموا بالدراسة والسفر والتمتع وحتى بتبوء منصب رئيس الدولة.
ومنذ إعلان النظام السوري يوم أمس الخميس، تنصيب بشار الأسد رئيساً للبلاد، لم يصل إلى "الأسد" برقيات تهنئة، سوى من "روسيا، بيلاروسيا، الصين، فنزويلا، إيران" وتنظيم "حزب الله" اللبناني. في دلالة على عزلة دولية، لا يُفترض في "رئيس عاقل" أن يخرج بعدها في خطاب البتة.