أثارت تصريحات مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، غضب العديد من الدول حول العالم، لا سيما أنها خرجت من مسؤول رفيع يمثّل القارة الأوروبية.
وجاءت تصريحات بوريل قبل أسبوع حين ألقى كلمة في افتتاح الأكاديمية الدبلوماسية الأوروبية، حيث قال حينها: إن “أوروبا بستان متحضر وباقي العالم (ماعدا امريكا) غابة. يجب أن نحمي البستان وإلا غزونا سكان الغابة، لنمنعهم من ذلك يجب أن نذهب نحن للغابة حتى لا يصلوا الينا!”
وأضاف: “الأدغال يمكن أن تغزو الحديقة، وعلى البستانيين أن يتولوا أمرها، لكنهم لن يحموا الحديقة ببناء الأسوار، حديقة صغيرة جميلة محاطة بأسوار عالية لمنع الأدغال لن تكون حلاً، لأن الأدغال لديها قدرة هائلة على النمو، والأسوار مهما كانت عالية لن تتمكن من حماية الحديقة، على البستانيين أن يذهبوا للأدغال، على الأوروبيين أن يكونوا أكثر انخراطاً مع بقية العالم، وإلا فإن بقية العالم سوف تغزو أوروبا”.
غضب دولي
وقوبلت هذه التصريحات برفضٍ شديد من قبل عدد من الدول، التي أبدت انزعاجاً من توصيفات بوريل “العنصرية”.
وردت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على بوريل بالقول، إن “أوروبا أنشأت تلك “الحديقة” من خلال النهب البربري للغابة”، حسب وصفها.
كذلك قالت الخارجية الإماراتية، إن “تعليقات بوريل مخيبة للآمال ويجب احترام الأديان والثقافات والمجموعات العرقية والتعددية والتعايش والتسامح”.
واستدعت الإمارات أمس القائم بأعمال رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لديها، طالبةً تفسير ما وصفتها بتصريحات عنصرية أدلى بها مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي “جوزيب بوريل” الأسبوع الماضي.
وأفادت وكالة أنباء الإمارات “وام” بأن وزارة الخارجية قالت إن التصريحات كانت “غير مناسبة وتتسم بالعنصرية” و”تساهم في تفاقم التعصب والتمييز على المستوى العالمي
مساعي لاحتواء الموقف
وفي محاولة لتخفيف حدة التصريحات، نقلت وسائل إعلام عن المتحدث الرسمي باسم الاتحاد الأوروبي لمنطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لويس ميغيل بوينو قوله: إن “الممثل الأعلى للشؤون الخارجية جوزيب بوريل، أدلى بهذه التصريحات في سياق العدوان العسكري الروسي على أوكرانيا”.
وتابع بوينو: “أشار بوريل في حديثه إلى المواجهة بين النموذج الأوروبي الذي يستند إلى احترام القانون والحكم الرشيد، والنموذج الآخر الذي يعزز القوة بعيداً عن القوانين والمبادئ الأساسية التي اتفق عليها الجميع بعد الحرب العالمية الثانية”.
وحول حديث بوريل عن ضرورة ذهاب “البستانيين” إلى الأدغال قال بوينو: “عندما يتحدث الممثل الأعلى عن ضرورة “الذهاب” إلى بقية العالم فالمقصود هنا أنه علينا أن نتواصل ونتحاور مع الآخرين، لشرح هذه الأفكار ولماذا نهتم بهذا المشروع الأوروبي”.
بدوره عاد جوزيب بوريل أمس الإثنين، ليُقلل من شأن الانتقادات على تصريحاته، دون أن يصححها.
ورداً على سؤال بشأن تصريحاته الأخيرة ووصفه للآخر بأنه غابة قال: “كل أسبوع يحمل الكثير من التوتر، ولذلك من وقتٍ لآخر ينفجر شيء ما أمام الرأي العام”.
مواقف “بوريل” المثيرة للجدل
وسلطت وسائل إعلام غربية أيضاً الضوء على “هفوة” بوريل التي يمكن أن تسبب أزمة، حيث ذكرت وكالة فرانس برس، أن بوريل يعرف بأنه ذو هفوات “عرضية متعددة”، حيث قدم العام الماضي أرقاماً غير دقيقة وخاطئة للعدد المقدر للحشد العسكري الروسي في محيط أوكرانيا.
كما أنه أثار هذا العام صدمة حينما قال إن الاتحاد الأوروبي يمكنه أن يقدم طائرات مقاتلة لمساعدة كييف على محاربة موسكو، وهو ما لم يتحقق.
كذلك سلطت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية في تقرير سابق لها الضوء على بعض تصريحات جوزيب بوريل حينما كان وزير خارجية إسبانيا، والتي وصفتها بغير الدبلوماسية، ومنها مثلاً قوله إن “الولايات المتحدة تتعامل مع فنزويلا وفق عقلية رعاة البقر”.
وتولى بوريل مهامه كممثل السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي منذ عام 2019، وشغل منصب وزير الشؤون الخارجية في حكومة إسبانيا من عام 2018 إلى عام 2019، بعد أن كان وزيرًا للأعمال العامة سابقًا في عهد فيليبي غونثاليث من عام 1991 إلى عام 1996.