”نداء بوست“ -حوارات سياسية- حاوره: أسامة آغي
تجد هيئة المفاوضات السورية نفسها رَهْن معطيات واقع صراع دولي، يتكثف بعضه في الساحة السورية، هذه المعطيات لم تُتِحْ بعدُ توافُقاً للقوى الدولية المُنخرِطة بالوضع السوري، مما يجعل مربَّع التفاهُمات على الحل السياسي قَيْد ظروف واتفاقات بين هذه القوى.
”نداء بوست" أراد سَبْر اتجاهات عمل هيئة التفاوض، سواء بما يخصّ وفدها المشارك في أعمال اللجنة الدستورية، أو الكشف عن احتمالات تغيير ممكن لعمل المعارضة السورية بعيداً عن الاتكال على إرادةِ حلٍّ أمميةٍ غير قابلة للتنفيذ، ولهذا طرح الموقع أسئلته على السيد أنس العبدة رئيس هيئة المفاوضات السورية، فكان هذا الحوار:
المطلوب تكاتُف دولي
سألنا رئيس هيئة المفاوضات السورية أنس العبدة عن الظروف التي تُجبر النظام على قبول الانخراط بمفاوضات الدستورية داخلياً وإقليمياً ودولياً، فقال:
"تلاعُب النظام ومماطلته، ومحاولاته لإفراغ مضامين وغايات الجولات الست السابقة من اجتماعات اللجنة الدستورية بات واضحاً.
ويرى العبدة أن "النظام يريد بتأييد عملي من حلفائه، تأخيرَ وتعطيلَ أي تقدُّم في العملية السياسية، على أمل كسب الوقت لصالح محاولات إعادة تعويم النظام في الساحة العربية والدولية، ورفع العقوبات عنه". ويعتقد العبدة أن "هذه المحاولات لن تنجح". مستطرداً بالقول: "فشل اجتماعات الدستورية ينبغي ألا يترك أيّ شك لدى المجتمع الدولي والأمم المتحدة، بأن النظام لا يمكن أن يكون جديّاً في الحل السياسي".
وبرأي العبدة أن الحل السياسي "دون وجود تكاتُف دولي وأممي للضغط، من أجل التطبيق الكامل للقرار الأممي 2254، واتخاذ كل السبل لأجل ذلك، ومنها: تشديد العقوبات على النظام ورجاله، عرقلة أي محاولة لتعويم النظام أو دعمه في عملية إعادة الإعمار، ودعم موقف الشعب السوري والمعارضة وجهودهما من أجل الوصول إلى حل سياسي، يضمن للشعب السوري دولة ديمقراطية مدنية عادلة".
الحَلّ السياسيّ مَطلَبٌ دوليّ
سألنا العبدة: ما الإستراتيجية السياسية وغير السياسية المطلوبة من المعارضة ومن أصدقاء الثورة السورية لمواجهة الصلف الروسي وكشف عدم جديته في تنفيذ القرار 2254؟ فأجاب: "لدى الروس تأويلهم الذاتي للقرار 2254، وهو تأويل غايته حَرْف المفهوم السياسي للقرار الذي يمثّل خارطة طريق للانتقال السياسي في سورية".
ويرى العبدة: "أن روسيا منذ البداية، تحاول أن تجعل المسار السياسي أشبهَ بمنتدى حوار «سوري سوري»، وليس مساراً برعاية الأمم المتحدة" معتقداً -أي العبدة: "أن عدم وجود إرادة سياسية حقيقية، وضغوط ومواقف إقليمية ودولية داعمة لهذه الإرادة، سيكون له تأثير كارثي على الشعب السوري، وسيزيد من معاناته".
ويضيف العبدة: "التصعيد الذي تقوده روسيا في الشمال السوري هو دليل على أن إستراتيجيتها ما زالت، ولم تتغير، وهي دعم إعادة هيمنة النظام على كل المناطق السورية، على حساب الحل السياسي، لصالح الحل العسكري، الشيء المؤكد أن كل مَن يعوّل على الحل العسكري في سورية ستخيب مساعيهم؛ لأن واقع الملف السوري يؤكد أن الحل الوحيد هو الحل السياسي، وتحت مظلة الأمم المتحدة".
السوريون ضدّ بقاء الأسد
قلنا لرئيس هيئة المفاوضات السورية السيد أنس العبدة: هل ستوافقون على حل روسي يُبقِي الأسد كشريك حكم؟ فأجاب: "هيئة التفاوض السورية ليست كياناً منفصلاً عن قُوَى الثورة والمعارضة السورية، هي مؤسسة تابعة للشعب السوري وتخدم تطلُّعاته، لذلك لا يمكن لنا في هيئة التفاوض، أن نقبل بأي حل، لا يلبي تطلُّعات أهلنا وثورتنا".
ويتابع العبدة كلامه فيقول: "الشعب السوري اليوم لن يقبل بحل يُبقي السد ونظامه في السلطة، الأسد قتل وشرّد الملايين من أهلنا، ولن يكون هناك أي إستراتيجية لدى الهيئة لا تخدم تلك التطلعات".
وبرأيه "الحل الوحيد الذي نقبل به هو الذي يكون تحت مظلة الأمم المتحدة، ولا يسلب هدف وتضحيات الثورة السورية العظيمة".
لا تخفيف للعقوبات
وعن مدى التأييد الملموس الذي وجده وفد قُوَى الثورة والمعارضة أثناء زيارته للأمم المتحدة منذ فترة قريبة، يقول العبدة: "كل المسؤولين الذين التقينا بهم خلال زيارتنا إلى نيويورك وواشنطن، أكدوا لنا التزامهم بالحل السياسي وَفْق القرار 2254، وأكدوا ضرورة تفعيل باقي السِّلال المتضمَّنة في القرار".
ويوضح العبدة: "خلال لقائنا مع المسؤولين في الخارجية الأمريكية، أكدوا أن توجُّه بعض الدول لفتح أبواب مع النظام يُعقِّد مساعي الحل السياسي، ويخدم مصالح إيران في سورية والإقليم، وله تأثيرات كارثية على المنطقة بشكل عامّ".
وأضاف العبدة: "الجانب الأمريكي أكد أن إعادة تعويم النظام لن يكون الحل، وأنهم سيصدرون بياناً بذلك، وهو ما حصل فعلاً". مبيّناً: "لن يكون هناك تخفيف للعقوبات على نظام الأسد، ولن يكون هناك قبول بأي مسار سياسي، لا يكون تحت المظلة الأممية، ووَفْق القرار 2254، هذا ما أكدته لنا وفود الدول التي التقينا بها".
خلافاتنا تنظيمية وليست سياسية
وحول زيارة وفد من هيئة التنسيق لتركيا للقاء رئيس هيئة التفاوض وقيادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ومسؤولين أتراك، يقول العبدة: "سيزورنا وفد من هيئة التنسيق الأسبوع القادم، ونرحب بهذه الزيارة، وما تحمله من تأكيد على وَحْدة أهداف وثوابت ورؤية المعارضة السورية، بما يتعلق بالحل السياسي".
ويوضح العبدة: "أود الإشارة إلى أن لقاءاتي مع الكتل المُشكِّلة لهيئة التفاوض السورية كافة لم تتوقف، وجميعنا نتحرك، ونُصب أعيننا إنهاء الخلاف الحاصل، وهنا دَعْنِي أوضح جانبين مهمين:
الأول: الخلاف الحاصل داخل هيئة التفاوض، ليس خلافاً على التوجه السياسي، أو مبادئ وثوابت التفاوض، الخلاف هو خلاف تنظيمي داخل الهيئة، وجهود جميع مكونات الهيئة متضافرة، لإيجاد حل لهذا الخلاف".
أما الجانب الثاني المهم: فهو "كل الممثلين للكتل في هيئة التفاوض يعملون في اللجان التي هم فيها، يجتمعون معاً، ويعملون سويّاً في كل اللقاءات المَعْنيَّةِ بمُهِمَّة لجانهم، لا يوجد تعطيل لأي مُهِمَّة من مَهامِّ هيئة التفاوض السورية".
ويختم العبدة بالقول "هذا الأمر إنْ أكد على شيء فهو أن مكونات هيئة التفاوض السورية على وَعْي تامّ بأهمية مهمتها في خدمة الشعب السوري وتطلعاته، كما هو دليل على أن الخلاف الحاصل لن يعرقل جهود ومُهِمَّة هيئة التفاوض في الوصول إلى حل سياسي عادل، لصالح تطلُّعات وأهداف الشعب السوري وثورته".