نداء بوست – سليمان سباعي- حمص
تشهد محافظة حمص وريفها منذ أوائل الشهر الحالي أزمة خانقة بمادة المحروقات بشكل عامّ، الأمر الذي تسبَّب بعودة ظاهرة “طوابير” السيارات التي اصطفّت على أبواب محطات الوقود بانتظار تعبئة مخصصاتها من البنزين والمازوت على حدّ سواء.
وأفاد مراسل “نداء بوست” في حمص بارتفاع أسعار المحروقات تزامُناً مع غيابها عن محطات الوقود بسبب عدم إرفادها بالكميات المخصصة من مصفاة حمص، الأمر الذي تسبب بحالة استياء واسع لدى مالكي السيارات العامة والخاصة، بعد اضطرار مئات الأشخاص للوقوف أكثر من عشر ساعات ضمن “الطوابير” دون حصولهم على مخصصاتهم بحجّة عدم وصول “طلب المحروقات”.
«على عينك يا تاجر»
ليس ببعيد عن طوابير الانتظار تنتشر عشرات الأكشاك التي تعرض بضاعتها على أصحاب السيارات العابرين لأوتوستراد “حمص-حماة” وأوتوستراد “حمص-طرطوس” بخمسة أضعاف عن السعر التمويني المحدد من قِبل وزارة النفط التابعة لنظام الأسد.
محمد العايد أحد مالكي سيارات الأجرة في حمص قال: إن شريحة واسعة ممن يرغبون بالعمل من زملائه يتجهون بشكل يومي لخارج مدينة حمص بهدف الوصول إلى الأكشاك المنتشرة على الأوتوستراد للتزود بالكمية التي يرغبون بتعبئتها من أجل التمكن من الاستمرار بعملهم.
مشيراً خلال حديثه إلى أن الخاسر الأكبر في هذه المرحلة هم المدنيون الذين يضطرّون لدفع أجور إضافية “أغلى من المعتاد” نظراً للفارق الكبير الذي نقوم بدفعه لتجار السوق السواء مقارنة مع السعر المحدد ضِمن محطات الوقود.
تجار السوق السوداء دون حسيب أو رقيب
من جهته قال مراسلنا في حمص: إن تجار الأكشاك والسوق السوداء في حمص يقومون ببيع لتر البنزين الواحد بمبلغ 6500 ليرة سورية، بالوقت الذي تنصّ التعليمات الواردة من وزارة النفط والثروة المعدنية التابعة لنظام الأسد على بيعه بمبلغ 1100 ليرة فقط.
ولم يكن المازوت أفضل حالاً من البنزين حيث بلغ سعر اللتر الواحد منه 4200 ليرة سورية والذي تم تحديد سعره بحسب النشرة التموينية بـ 650 ليرة فقط، وما بين جشع التجار واضطرار أصحاب المركبات إلى الخضوع لمطالبهم تغيب أي رقابة من قِبل إدارة التموين في حمص عن معاقبة أولئك المستفيدين من أزمة المحرقات التي تشهدها المنطقة في المرحلة الراهنة.
احتكار عملية بيع المحروقات للمقربين من حزب الله والأفرع الأمنية
مصدر محلي أفاد لمراسل “نداء بوست” بأن عملية بيع المحروقات والغاز المنزلي على الطرقات العامة هي حكر لأشخاص معينين، ولا يجوز لأي شخص يرغب بالعمل أن ينشئ كشكاً على الطريق العامّ، موضّحاً أن المسؤول الأول عن إرفاد الأكشاك التابعة لأبناء قرية المختارية والمشرفة بريف حمص الشمالي هو “أسعد المحمد” الذي شغل منصب القائد العسكري سابقاً لـ “لواء الرضى الشيعي” والتابع بشكل رئيسي لميليشيا حزب الله اللبناني التي توفر له الحماية من أي مساءلة على الصعيد الأمني.
وأكّد المصدر الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه لضرورات أمنية أن ميليشيا حزب الله اللبناني تعمل على توجيه صهريج سعة 45 ألف لتر من البنزين ومثله من المازوت من مصفاة بانياس إلى مناطق سيطرتها في ريفَيْ حمص الشمالي والجنوبي بهدف الاتّجار والربح المادي.
توقُّف عدد من الآليات بعد عجز أصحابها عن تأمين الوقود
في سياق متصل أوقف العشرات من مالكي السيارات العامة من السائقين المتعاقد معهم على العمل إثر أزمة الوقود التي تشهدها محافظة حمص من جهة، وضعف المردود المادي نظراً لعزوف شريحة واسعة من الأهالي عن جلب سيارة خاصة بعد زيادة الأجرة التي تسبب بها شراء المحروقات من السوق السوداء، الأمر الذي زاد من نسبة العطالة عن العمل بين الأهالي ودفعهم للبحث عن عمل آخر يوفرون من خلاله احتياجاتهم ومتطلبات عائلاتهم خلال الفترة الراهنة.