“نداء بوست”- عواد علي- بغداد
دعا مقتدى الصدري زعيم “التيار الصدري” في العراق، في بيان له اليوم الأربعاء، الكتل السياسية إلى “موقف شجاع من أجل الإصلاح، وإنقاذ الوطن، وعدم مسايرة ضغوطاتهم الطائفية، فهي كفقاعة لسرعان ما تزول”، حسب تعبيره.
ونفى ممارسة إيران أي ضغوط عليه لسحب نوابه من البرلمان، مؤكداً أن “إيران لم تمارس هذه المرة أي ضغوط على أي طرف شيعي، وما يشاع على أن سبب الانسحاب كان تهديداً إيرانياً فهو كذب، ولا صحة له”.
وأشار الصدر إلى أن “هناك ما قد يسميه البعض “أذرع إيران” تمارس انتهاكات سياسيةً ضد القضاء العراقي، وتحاول تجييره لصالحها”.
وأضاف أن “هناك ضغوطاً تُمارس أيضاً على الكتل السياسية غير الشيعية، وعلى النواب المستقلين قبل جلسة البرلمان المقرر عقدها يوم غد”، داعياً، الكتل السياسية إلى “موقف شجاع من أجل الإصلاح وإنقاذ الوطن وعدم مسايرة الضغوطات الطائفية، فهي كفقاعة لسرعان ما تزول”.
وجاء بيان الصدر بالتزامن مع حديث عن تقارب مبدئي بين ما يُسمى بـ”الإطار التنسيقي” والحزب الديمقراطي الكردستاني للتوافق من أجل تشكيل الحكومة المقبلة قبيل ساعات من عقد جلسة البرلمان الاستثنائية.
وبحسب مصدر سياسي، فإن “اجتماعاً عُقد بين زعماء من الإطار التنسيقي مع وفد من الحزب الديمقراطي، جرى خلاله التباحث حول عملية تشكيل الحكومة، وانتخاب رئيس الجمهورية”. وأضاف المصدر أن “الإطار التنسيقي ينتظر التوافق بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، وتوحيد صف البيت الكردي لتسهيل مهمة اختيار رئيس الجمهورية، والتي بدورها ستكون بادرةً في تشكيل الحكومة الجديدة”.
وذهب بعض المحللين إلى أن الجلسة الاستثنائية لمجلس النواب غداً الخميس باتت مهددةً بعدم الانعقاد بعد بيان الصدر، والذي قد يدفع حلفاءه في التحالف الثلاثي إلى التريث في الذهاب مع الإطار لتشكيل الحكومة.
وأكدوا أن مقتدى الصدر، رغم توجيه نوابه إلى الاستقالة من البرلمان، وترك العملية السياسية الحالية، فإنه على ما يبدو لا يريد أن يمضي “الإطار” بما يرغب في تشكيل الحكومة، وصعود النواب الجدد البدلاء عن نواب الكتلة الصدرية المستقيلين، خاصةً مع تحديد رئاسة مجلس النواب عقد جلسة استثنائية للبرلمان.
ورأى سياسيون أن الصدر يحاول، في بيانه الأخير، إرسال رسالة إلى القوى السياسية السنية والكردية والمستقلين فحواها عدم الخضوع إلى الضغوط التي يفرضها “الإطار”.
وأوضح السياسي المستقل محمد الغريري، في تصريح لأحد المواقع الإخبارية، أن الصدر حاول أن يوصل رسالةً للمستقلين، والكتل الكردية والسنية فحواها أن إيران لم تتدخل في نتائج الانتخابات، وتشكيل الحكومة المقبلة، ويجب ألاّ يخضعوا للضغوط.
ودعا الغريري “القوى السياسية إلى أن يكون خيارهم وطنياً في انقاذ العراق في المرحلة المقبلة، ولن يكون شريكاً مع الأحزاب والكتل في إنهاء ما تبقى من العراق”.
وتابع أن “الصدر اختار أن يكون خياره النصيحة في هذه المرحلة، وأن يراقب، وإذا ما أخفقوا سيكون موقفه واضحاً من هذه الكتل والأحزاب التي تعتبر نفسها أذرعاً لأجندات خارجية أو أذرعاً لهم”.
وقال الباحث في الشأن السياسي أحمد المياحي: إن “الإطار التنسيقي ليس جديداً على العملية السياسية، وهو يمتلك علاقات تاريخيةً مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، لكن الذي أساء لهذه العلاقة هو تقاطع المصالح بين الجانبين”.
وأضاف المياحي أنه “من الطبيعي أن تبدأ الكتل السياسية بحراك حقيقي لحل ازمة تشكيل الحكومة، وليس سراً أن تجري الكتل مشاورات وجس نبض، مستغلةً عطلة الفصل التشريعي لمجلس النواب كنوع من الراحة لألتقاط الأنفاس، بعد أن أعياها خطاب التيار الصدري المتشدد، والذي لم يأتِ بما كان يمنّي به النفس بالنسبة للتيار الصدري”.
وتابع أن “التيار الصدري لا يزال يعمل تحت الطاولة بما يمتلك من تأثير على حليفيه (تحالف السيادة والحزب الديمقراطي)، واللذين هما في وضع لا يُحسدان عليه”.
وأردف أن “أي مشاركة حقيقية في حكومة يشكلها الإطار سوف يعتبرها التيار طعنةً في خاصرة مشروع الأغلبية الوطنية، الذي لم يقتنع به بشكل جدي عراب السياسة الكردية مسعود بارزاني”.
وبين أن “بارزاني لا يعلم جيداً أن التحالف الثلاثي ليس تحالف أغلبية وطنية، إنما ائتلاف عرقي مذهبي قومي، وبالتالي شعار الأغلبية الوطنية لم يكن ليقنع بقية الأحزاب، مثال ذلك الاتحاد الوطني، الذي لو شارك في هذا التحالف لسارت الأمور بشكل أكثر واقعيةً”.
وأكد المياحي أن “أي حوار لجهة تقدم مطالب بأعلى سقف، وجهة تقدم تنازلاً سوف ينهي وجوده السياسي، وبين هذا وذاك من يملك كاريزما التفاوض، والإقناع هو من سيكون الملك وليس ببدقاً بيد الملك”.
ورأى أن الإطار لن يستطيع تشكيل حكومة قادرة على الصمود كثيراً بسبب الدولة العميقة، ومئات من أصحاب المناصب في إدارة الدولة، الذين لم يقدموا استقالاتهم لأن هدفهم إسقاط أي حكومة لا يشكلها التيار الصدري”.