نداء بوست- محمد جميل خضر
الأول مــن نيسان/إبريل، هو أول يوم، بحسب التقويم السوري القديم، في السنة السورية (عيد رأس السنة السورية)، وهو ما جرى اعتماده قبل 6772 عاماً من الآن، وعليه فإن هذا التقويم يسبق التقويم العبري بألف عام، والتقويم الفرعوني بخمسمائة عام.
إنه عيد الاحتفال بتجدد عروق الحياة، ومتوالية الخصب، ومن أسمائه (أكيتو) التي تعني، بحسب اللغة السومرية، موعد بذر الشعير وحصاده. وجاءت دلالته من أن أول عيد (أكيتو) في التاريخ بدأ بعيد للحصاد الزراعي الذي كان يتم مرّتين في السنة، أولها في شهر نيسانو (نيسان) والثاني تشرينو (تشرين الأول) ويبدأ بهما حصاد الحنطة.
ومع الوقت لم يعد العيد يقتصر على الاحتفال بالحصاد بل أصبح عيداً سنوياً يشير لبدء عام جديد، ويبدأ مع نهاية موسم المطر والبرد وبداية الخصب ونمو الزرع مما جعله أفضل وقت لإقامة شعائر الزواج المقدّس، ويحدث في الفترة التي يتساوى فيها الليل والنهار، ويبدأ بأول ظهور للقمر الجديد بين شهري آذار ونيسان.
وتختلف معاني (الأكيتو) بين الحضارات التي يعود هذا الاحتفال لها، فتعني باللغة السومرية (الحياة) وباللغة الأكادية (الفرح)، أما بالبابلية (ريش شاتيم) التي تعني رأس السنة، والسريانية والآرامية (حج) وتدل الكلمة على الاحتفال والفرح.
يرتبط التقـويم الســوري بـعشتار الأم الأولى منجبة الحياة، نجمة الصباح والمساء في آن. التي تصفها النصوص القديمة أنها بفمها يكمن سرُّ الحياة ويشيع من ابتسامتها الأمن والطمأنينة في النفوس. عــشتار التي تلقب في الأسطورة بـ ”أم الزلــف”. هــي نفســها أم الزلـف التــي ما يزال الناس يغنّون لهــا في أرياف سـورية الطبيعية: “عالعــين يــم الزلــف زلفــة يا موليــا”.
نغنــي لعشــتار دون أن ندرك أن كلمة (زلف) تعنـي بالسريانية أشيــاءً كثــيرة أولها: الثوب الموشّى، الزينة والجمال.. إلخ.
أما كلمــة “موليا” فتعني: الخصـب الوفرة، الامـتلاء، الإشـباع.. إلخ. وهذه المعاني كلها تتــصل بعـشتار الأم والأرض والطبيعة.
أباطــرة رومــا عندما حكمــوا هــذه الأرض حاولوا فرض أسمــائهم على تقويـمنا مــثل: يوليوس وأغسطس، لكن بَصْـمَتَهم زالـت بزوالهــم. وهكذا نرى أن هذا العيــد قد أُخـذ منّـا ثـلاث مـرات، الأولى: عنــد فُـرِض التقــويم اليولــياني (بالإنجليزية: Julian Calendar) تقويم فرضه يوليوس قيصر في سنة 46 قبل الميلاد ودخل حيّز التنفيذ سنة 45 ق. م، يحاول التقويم اليولياني محاكاة السنة الشمسية ويتكون من 365,25 يوماً مقسمة على 12 شهراً.
والثانية: عـند فـُـرض التقــويم القــمري، وهو تقويم يعتمد على دورات القمر الكاملة كأساس لحساب الأشهر، حيث تكون كل 12 دورة سنة قمرية، على عكس التقاويم الشمسية، التي تعتمد دوراتها السنوية بشكل مباشر فقط على السنة الشمسية. والتقويم الميلادي (وهو التقويم الأكثر استخداماً) هو تقويم شمسي تطور في الأصل من نظام التقويم القمري. يتميز التقويم القمري البحت أيضاً عن التقويم الشمسي/ قمري، الذي يتم مواءمة الأشهر القمرية الخاصة به مع السنة الشمسية، من خلال بعض عمليات النسيء أو الإقحام.
والثالثة: عنـدما أمـر شارل التاسع مـلك فرنسـا قبل 450 ســنة باعتــماد التــقويم الغريغـوري (أو الغربي أو المسيحي) ونقل رأس الســنة من 1 نيسان إلى 1 كانون الثاني.
بسبب مختلف ما تقدم، أطلــق على رأس الســنة الســورية اســم April fool أي أحمــق نيــسان وهي عبــارة كانـت تطـلق على أي شخـص ينـسى أن رأس الســنة قد تم نقــله مــن 1 نيسان إلى 1 كانون الثاني.
Author
-
روائي وإعلامي فلسطيني/أردني..مُعِدّ ومنتج تلفزيوني.. صدر له ثلاث روايات وأربع مجموعات قصصية