”نداء بوست“ – حوارات سياسية – حاوره: أسامة آغي:
مسائل عديدة تتطلب تسليط الضوء عليها مع إجراء حوار مع المهندس أحمد العسراوي الأمين العامّ لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، والذي يقيم في دمشق ويشغل عضوية اللجنة الدستورية عن المعارضة.
وكان ”نداء بوست" قد أجرى حواراً مع رئيس هيئة المفاوضات أنس العبدة كشف فيه عن زيارة سيقوم بها وفد من هيئة التنسيق الوطنية إلى تركيا مطلع هذا الأسبوع، بغرض حَلْحَلة إشكالات الهيئة التنظيمية، وللوقوف على طبيعة مهمة هذا الوفد التقى ”نداء بوست“ العسراوي الذي قال: إن ”المهمة الأساسية لوفد هيئة التنسيق الوطنية خلال زيارته إلى تركيا هي العمل على تفعيل هيئة التفاوض السورية بعد التعطيل الذي حدث خلال الفترة الماضية، آخِذين بعين الاعتبار كل النقاط الخلافية التي كانت موجودة ما بين هيئة التنسيق الوطنية والائتلاف".
كما أن الوفد سيلتقي الائتلاف، وستكون بداية الاجتماعات في يومَي التاسع والعاشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وقد تمتد لفترة أطول حول النقاط التي يتم التوافق عليها.
ويضيف عسراوي: "طبعاً عندما تتفعَّل هيئة التفاوض السورية سنكون جهة واحدة بمواجهة كل التحدِّيَات التي تواجه العملية السياسية التفاوضية بمحاورها الأربعة، وموضوع اللجنة الدستورية كمفتاح لهذه العملية السياسية. هذا كل ما نهدف إليه، نحن قلوبنا مفتوحة، ومهمتنا مهمة وطنية سورية بامتياز، ولا نربد شيئاً آخر".
السوريون أضعف الحلقات
مفاوضات اللجنة الدستورية السورية، كشفت بالملموس، أن الوفود الثلاثة الذين يؤلفون بِنْيتها، وهم وفد المعارضة ووفد المجتمع المدني السوري المستقلّ ووفد نظام الأسد، هي في وضع تفاوضي ضعيف، حيث إن إدارة الصراع وإدارة الحل السياسي تنخرط به قوى دولية متورطة بهذا الصراع وَفْق مقدِّمات تخصها.
يقول أمين عامّ حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي: "إن كل مشاريع الدساتير التي تصاغ في العالم، تأتي بإحدى حالتين، إحداهما وضع مستقر لبلد، وتريد تطوير الواقع الدستوري عندها، والأخرى بلد فيها صراع داخلي، تمّ بعده التفاهم على تسوية سياسية".
ويضيف العسراوي: "في الحالة السورية المسألة معكوسة، فالمطلوب من اللجنة الدستورية إنجاز مشروع دستور جديد دون اتفاق سياسي، ولذلك اسمحوا لي بتجاوُز الخطوط الرمادية بالموقف الدبلوماسي".
ويوضح العسراوي موقفه أكثر فيقول: في جنيف ليس هناك مفاوضات بين الفُرَقاء الثلاثة (الفريق المرشح من هيئة التفاوض السورية، الفريق المرشح من حكومة الجمهورية العربية السورية، الفريق المرشح من المجتمع المدني والمعتمد من الأمم المتحدة)، بل كان حواراً يُشابِه حوار الطُّرْشان في الدورات الثلاث الأولى، تمّ تجاوُز هذه المرحلة خلال الدورتين الرابعة والخامسة لكن ليس بالقدر الكافي.
ويفسّر العسراوي الحالة: على أن الضعف يأتي من كون السيد غير بدرسون المبعوث الدولي إلى سورية ميسِّراً وليس وسيطاً، وبالتالي فإن صلاحياته لا تسمح له بالتدخل الكامل في اللحظات التعطيلية، أو المبتعدة عن المهمة الأساسية المكلفة بها الهيئة المصغَّرة للجنة الدستورية.
ويتابع العسراوي حديثه فيقول: لا أقول هذا لأبرر للفريق المرشح من الحكومة السورية عدم تفاعُله الجدي مع عملية الإصلاح الدستوري كمفتاح للعملية السياسية التفاوضية بمحاورها الأربعة، (هيئة الحكم الانتقالي، العملية الدستورية، العملية الانتخابية، تحقيق الأمن ومكافحة الإرهاب)، خاصة أنه يأخذ تعليماته من النظام السوري، الذي لم يعتمد الحل السياسي، أي التسوية السياسية بعدُ، ولا يزال يعتمد الحل الأمني العسكري مع كل المخاطر التي تحيط بسورية.
لكن العسراوي يقرّ بأن السوريين كما يقول هم "أضعف الحلقات"، ويضيف: عندما نتكلم عن الدور الدولي في الملف السوري وتأثيراته السلبية على الحل السياسي في سورية، فلا نستطيع أن نتجاوز أيّاً من الحلقات في سلسلة الملف، مُعترِفاً: بأنه على السوريين -كل السوريين- أن يكونوا أكثرَ موضوعية عند قراءة التطورات بغية خلاص بلادهم (شعباً وأرضاً ومقدراتٍ)، مما يحيط بها من مخاطر.
ضرورة مؤتمر وطني جامع
وقلنا للعسراوي: إن المعارضة منصات متعددة، مما يُضعف تأثيرها السياسي في مواجهة النظام السوري وحلفه، فأجاب: المعارضة المُعترَف بها والتي تُحاور في جنيف هي هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية، ولا يمكنني عدم الاعتراف بأنه تشوبها الحالة شِبه التعطيلية، نتيجة للمواقف والقرارات الفردية، التي اعتمدها أحد مكوناتها.
ويرى العسراوي أنهم في هيئة التنسيق الوطنية تجاوزوا ذلك جزئياً بالتوافق على عدم إدخال اللجنة الدستورية على تبايُن الرؤية داخلها، والأفضل هو بإنهاء عطالتها، وهذا يستلزم أيضاً القراءة الموضوعية الوطنية للحالة السورية، ومن الأفضل وطنياً أن نتمكن من الدعوة لمؤتمر وطني جامع لكل قُوَى الثورة والمعارضة والمجتمع المدني، وللشخصيات الوطنية المعارضة غير المنتمية لأي من القوى والتشكيلات السياسية.
ويؤكد العسراوي على أن ذلك هو الطريق الأنسب، موضحاً: أنه لا يرى أنه طريق ممكن قبل الانتقال السياسي، والبَدْء بالمرحلة الانتقالية، مُتسائِلاً: كيف يمكننا في الحالة الراهنة أن نعقد مؤتمراً بالمواصفات التي تسمح لنا بالمحافظة على قرارنا الوطني المستقل، وأين نعقد مؤتمراً كهذا؟
عشّ دبابير
وقلنا للعسراوي: أين وصلت جهود توحيد هيئة التفاوض، وهل يمكن تحقيق ذلك خارج حساب المحاصصة؟ فأجاب: من وجهة نظري المسألة ليست مسألة مُحاصَصة، سواء بين هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، وبين الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، ولا بينهما وبين أي من مكونات هيئة التفاوض.
ويستطرد العسراوي في توضيح الموقف: لا أريد أن أدخل إلى عشّ الدبابير، أو تحريكه، الحَذَر من وجهة نظري هو متابعة القرارات الفردية، التي قد تُخرجنا من العملية السياسية التفاوضية، والتي نعمل مع كافة مكونات هيئة التفاوض على تجاوُزها، خاصة أنها تؤثِّر سلباً على مواقف كل المتدخِّلين بالملف السوري من المحيط الإقليمي والدولي.
برنامج سياسي مَرْحَليّ
وحول تحديث وتطوير الرؤية النظرية لحزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي، يقول أمينه العامّ أحمد العسراوي: الحديث عن الرؤية الفكرية شيء وعن الرؤية والموقف السياسي شيء آخر، موضحاً: بُنِيَ حزبنا حزب الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي على عدة أُسُس، أهمها على المستوى العربي (حرية الوطن والمواطن، والعدالة الاجتماعية، والوحدة العربية)، وعلى المستوى الوطني الداخلي مقاومة التفرُّد، وإقامة التحالفات التي تُمكِّننا من بناء جبهة داخلية متينة تُواجِه التحديات الداخلية والخارجية.
ويرى العسراوي: أن المُستعجَل اليوم هو برنامج سياسي مَرْحَليّ، يقرأ التطورات السياسية في سورية وما حولها بموضوعية، ويعمل على خلاص سورية من الفساد والاستبداد، ويحمي وحدتها الجغرافية والبشرية، لتكون لَبِنَةً سليمةً في المشروع الوَحْدَوِيّ النَّهْضَوِيّ الديمقراطيّ، وهذا لا يعني البتَّةَ إغفالَنا للحقوق الوطنية لكافة أطياف النسيج الوطني السوري.