نداء بوست- أخبار عربية- الخرطوم
كشف مركز أبعاد للدراسات أن انسداد الأُفُق في السودان وإصابة هذا البلد بحالة من الشلل والتكلُّس يسبق قيام الانقلابات العسكرية.
وأشار المركز في دراسة إلى أن هذا الأمر هو المعهود في تاريخ الحياة السياسية السودانية.
وهو الدرس الذي لم تَعِهِ النخبة السياسية التي تُعبِّر عن نفسها “بالقُوَى الحديثة”، وكذلك الحال بالنسبة للقُوَى السياسية التقليدية.
وبحسب المركز فإن العديد من المدن السودانية -وخاصة العاصمة الخرطوم- تشهد تصعيداً من قِبل “لجان المقاومة” المُعارِضة، يتمثل في إغلاق الشوارع الرئيسية والجانبية، والدعوة “لمليونيات”.
وهي مظاهرات تنطلق وفقاً لجدول مُعلَن مسبقاً، وذلك بدعوى الاحتجاج على إجراءات الفريق البرهان في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، والتي تصفها بالانقلاب، والعمل على إعادة الشرعية واستكمال المسيرة الديمقراطية.
وأكد المركز أن مشروع “لجان المقاومة” المناهض للمجلس العسكري يحظى بتأييد بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) والاتحاد الإفريقي والسفارات الغربية في الخرطوم.
واعتبر المركز أن التصعيد خلال الأسابيع الثلاثة الماضية أدى إلى تفاقُم الأزمة السياسية التي يعيشها السودان، والمصحوبة بأزمة اقتصادية طاحنة.
ذلك بعد أن غدت البلاد سوقاً للمبادرات الداخلية والخارجية والتي لم تفلح في الوصول إلى حلّ سياسي أو صيغة تُعبِّر عن انشغالات القُوَى السياسية السودانية أو اللاعبين والمهتمين بالسودان من الخارج وفقاً لمركز أبعاد.
ولفت المركز إلى أن هذا التصعيد من قِبل المعارضة يتزامن مع اتِّساع الحديث في صالونات النخب، وحتى داخل المؤسسة العسكرية، عن احتمالية حصول “انقلاب”، وإنْ كان الانقلاب في هذا السياق يشير في الغالب إلى حتمية “التغيير”.
وذكر المركز أن الانقلاب العسكري الكامل مُستبعَد إلى حد كبير، فكوادر الحزب الشيوعي أو حزب البعث العربي الاشتراكي -وهما مَن يقود التيار المُعارِض الراديكالي- محدودة داخل الجيش، كما أن هنالك توجُّهاً عامّاً لدى القيادات العُلْيَا وبعض الرتب الوسيطة في عدم إضعاف المؤسسة العسكرية، بعد أن ساهم الحَراك المعارض خلال الفترات الماضية في إشعار كامل المؤسسة العسكرية بأنها مُستهدَفة بأدوارها وتَمَوْضُعها وامتيازاتها.
وأشار المركز إلى نجاح ضغط “لجان المقاومة” وتمرير مشروعها وفرضه على البلاد. فلجان المقاومة كواجهة مدنية للحزب الشيوعي لديها واجهات أخرى مماثلة تندرج تحت لافتة “منظمات المجتمع المدني”، وهى تضمّ كيانات وجمعيات مدنية مختلفة، بالإضافة إلى ما يُسمَّى “أصحاب المصلحة” الذين يَتبنّون مشروع “السودان الجديد”، والذي يَتماهَى مع التوجُّهات النيوليبارية للمشروع الغربي المطروح للسودان، وهو مشروع تتحكّم فيه الدول الغربية سياسياً من خلال بعثة الأمم المتحدة (يونيتامس)، واجتماعياً من خلال إحداث تغييرات في النظام الاجتماعي الذي كان سائداً في السودان. وستكون الحاضنةُ لهذا المشروع بعضَ أحزاب اليسار وجزءاً من الأجنحة في الأحزاب التقليدية الطائفية.
أمّا الذراع الاقتصادي فيَتمثَّل في تطبيق حزمة سياسات البنك الدولي، خاصة أن الفترة الماضية أثبتت أن الآثار المؤلمة لهذه السياسات التي تم تطبيقها لم تَجِدْ مقاومة من الشعب السوداني، مما سيحفز الحكومة لاتخاذ المزيد من سياسات التحرير الاقتصادي وتعويم الجنيه السوداني.
وبحسب المركز فإن هذا السيناريو يواجه إشكالية عجز قُوَى الحرية والتغيير عن تصدُّر المشهد من جديد، كما أن شعار “العودة إلى المسار الديمقراطي” لم يَعُدْ جاذباً على المستوى الشعبي.
والثاني وهو أن يمضي الفريق البرهان قُدُماً في إجراءاته، بحيث يعمل على إعادة هيكلة القوات المسلحة وكافة الأجهزة الأمنية، بالتوازُن مع تشكيل حكومة قومية، وإيجاد حاضنة سياسية لها.
وأوضح أن بروز اسم د. التجاني السيسي كمرشح لرئاسة الوزراء يأتي في إطار جسّ النبض وتهيئة الرأي العامّ لهذا السيناريو، بحيث تكون حاضنته السياسية هي “الحرية والتغيير – المنصة”.
وسيحظى هذا السيناريو بدعم بعض دول الإقليم كمصر والسعودية، اللتين ستعملان على تسويقه غربياً.
وختم المركز في دراسته بأن هذا السيناريو يواجه إشكالية العلاقة بين البرهان وحميدتي، حيث تواجه علاقتهما صداماً يتطور إلى درجة قد لا يكون معها من الممكن لهما الاستمرار معاً، ويفرض تحييد أحدهما حتى يتمكن المجلس العسكري من الاستمرار بالإمساك بمقاليد الأمور.