نداء بوست – جورجيوس علوش- السويداء
تمتاز السويداء بكثرة مواقعها الأثرية، فكل قرية أو "خربة" في المحافظة فيها مركز قديم يعود للعصر الروماني وهذا طبيعي، فهي شكلت مع سهل حوران منطقة استقرار، لغنى وخصوبة أرضها. ومن الطبيعي أيضاً، أن يترك سكان هذه المنطقة وعلى مدى الحقب المتتالية، بصماتهم العمرانية والثقافية والفنية. وأكثر ما يهمنا الآن كسوريين هو ما تُرك من كنوز مدفونة، كانت ومازالت تُسيل لُعاب من يطمحون لامتلاك الثروة من المتنفذين. في السابق، وتحديداً في الفترة التي كان بها رفعت الأسد يصول ويجول في البلاد، وكانت بكاملها تحت تصرفه، استخرج جزءاً من كنوز المحافظة بعد إعلان مكان استخراجها منطقة عسكرية "يمنع الاقتراب عليها". فدمر الكثير من الآثار الرومانية وما تلاها من حقب، بغية الحصول على الآثار المدفونة، بعد أن يدخل الآليات الثقيلة (جرافات وبلدوزرات) التي تحيل المكان لأنقاض، وبدون أدنى شك، فقد حصل على الكثير من اللقى والتماثيل الأثرية.
وانفتحت فيما بعد شهية كل المتنفذين من ضباط جيش وأمن، خدموا في المنطقة وتابعوا مسيرة معلمهم الأول، ولكن بإمكانيات أقل، أي بدون آليات ولفت للأنظار، وبالاعتماد على العناصر في الثكنات العسكرية والفروع الأمنية، وبالتعاون مع بعض سكان المنطقة، الذين عملوا كمرشدين، وخبراء في الإشارات المنقوشة على الحجارة ودلالاتها، وغالباً ما كان ينتهي دورهم إما بتصفيتهم أو باعتقالهم. وهذا ما يحدث الآن في السويداء، وعلى نطاق واسع، في ظل هذا الانفلات الأمني، وفي ظل سماح النظام السوري لهؤلاء استباحة البشر والحجر لقاء حماية كرسيه.