فشل الرئيس اللبناني "ميشيل عون" ورئيس الوزراء المكلف "سعد الحريري" في التوصل لاتفاق مشترك ينهي الجمود الحاصل في ملف تشكيل الحكومة منذ آب/ أغسطس الماضي، وذلك بعد لقاء جمعهما يوم أمس الجمعة في قصر "بعبدا".
وأعلن "الحريري" في تصريح صحفي عقب اللقاء عدم إحراز أي تقدم في تشكيل الحكومة المنتظرة، مؤكداً تمسكه بموقفه فيما يتعلق بتشكيل حكومة "اختصاص" مكونة من 18 وزيراً دون أن يحظى أي تيار سياسي بالسيطرة على الثلث المعطل فيها.
وأضاف: "تشاورت مع رئيس الجمهورية وسأكمل التشاور ولا تقدم، ولكن شرحت له الفرصة الذهبية التي نحن فيها وكل فريق يتحمل مسؤولية مواقفه منذ اليوم".
من جانبه، قال المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية اللبنانية في بيان إن الرئيس "عون" استقبل "الحريري" بطلب منه بعد جولاته إلى الخارج و"تبين أنه لم يأت بأي جديد على الصعيد الحكومي".
تحركات مكثفة
شهد الملف اللبناني خلال الأيام والأسابيع القليلة الماضية حراكاً مكثفاً لتحريك عجلة تشكيل الحكومة، وإنهاء الفراغ الحاصل في البلاد منذ أكثر من 4 أشهر، حين قدمت حكومة "حسان دياب" استقالتها عقب انفجار مرفأة بيروت واعتذار "مصطفى أديب" عن تشكيل حكومة جديدة.
وكان آخر تلك التحركات قيام وزير الخارجية القطري "محمد بن عبد الرحمن آل ثاني" بإجراء زيارة إلى بيروت، عرض خلالها على المسؤولين اللبنانيين مبادرة مقدمة من الدوحة لدعم وتسهيل تشكيل الحكومة.
كذلك أجرى المسؤولون عن الملف اللبناني في قصر الرئاسة الفرنسية "الإلزيه" بمن فيهم مستشار الرئيس الفرنسي "باتريك دوريل" اتصالات مع عدد من المسؤولين والسياسيين اللبنانيين مطلع الشهر الحالي لبحث آخر مستجدات الملف.
وفي هذا الصدد، عقد السفير السعودي في لبنان "وليد البخاري" سلسلة من اللقاءات مع سفراء عرب وخليجيين في بيروت، وبحسب ما نقلت صحيفة "الجمهورية" اللبنانية، فإن المحادثات ستشمل أيضاً السفيرتين الفرنسية والأمريكية.
من جانبه، قام رئيس الوزراء المكلف "سعد الحريري" برحلة خارجية مطلع الشهر الحالي شملت مصر وتركيا وفرنسا، بهدف استرجاع علاقة لبنان بهذه الدول، ووفقاً لما ذكر في تصريح صحفي فإن زيارة باريس كانت "حاسمة" لتشكيل الحكومة وخارطة الطريق التي وضعها الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون".
تراشق إعلامي
شهد شهر كانون/ الثاني يناير الماضي تراشقاً إعلامياً وحرب بيانات بين "عون" و"الحريري"، بدأه الأول بمقال نشرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية اتهم فيه رئيس الوزراء المكلف بـ"التعدي" على صلاحيته والتفرد بتشكيل الحكومة بشكل مخالف للدستور.
وجاء في المقال: "الحريري يريد أن يكون شريكاً في تسمية الوزراء المسيحيين، وهو ما لن نقبله لأنه سيخل بالتوازن الحكومي، ويخالف المادة 53 من الدستور التي تنص على أن رئيس الجمهورية شريك أساسي في تشكيل الحكومة مع رئيس الوزراء".
من جانبه، استنكر مكتب "الحريري" ذلك المقال، واعتبر "أنه من المؤسف والمؤلم جداً أن يصدر الكلام المنقول عن رئيس الجمهورية في إحدى الصحف، فيما البلاد تواجه سيلاً من الأزمات الصحية والأمنية والسياسية وتشهد العاصمة الثانية طرابلس هجمة منظمة تثير الريبة في أكثر من اتجاه".
واتهم البيان دوائر قصر "بعبدا" بتوجيه الاشتباك الحكومي نحو مسارات طائفية، مؤكداً أنها تنزع بذلك عن رئيس الجمهورية صفة تمثيل اللبنانيين بمختلف أطيافهم، وتحصره بمسؤوليته عن حصص المسيحيين في الدولة والسلطة والحكومة.
بيان الحريري دفع مكتب "عون" للرد عليه بيان آخر، اتهمه بالاستناد على ردود مغلوطة ومعلومات في غير موقعها الحقيقي، ويعكس تصميم رئيس الوزراء "على التفرد بتشكيل الحكومة، ورفض الأخذ بملاحظات رئيس الجمهورية".
يذكر أن "عون" أوكل في 22 من شهر تشرين الأول/ أكتوبر الماضي لـ"الحريري" مهمة تشكيل حكومة في البلاد، الذي بدأ في اليوم التالي مشاورات مع القوى السياسية لتشكيل حكومة من الاختصاصيين وفقاً للمبادرة التي طرحها الرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" عقب انفجار مرفأ بيروت، إلا أن ذلك لم يحدث بسبب تمسك "التيار الوطني الحر" بقيادة "جبران باسيل" بالحصول على ثلث الحقائب الوزارية.