أظهرت دراسة نشرها مركز "جسور للدراسات"، يوم أمس الخميس، عدد السوريين وتوزعهم في مختلف مناطق النفوذ ودول اللجوء، إضافة إلى التغيير الذي طرأ على التركيبة السكانية منذ عام 2011.
وأوضحت الدراسة أن عدد السكان في سوريا كان يقدر في عام 2011 بأكثر من 21 مليون نسمة، إلا أن تغييرات عديدة طرأت على ذلك العدد، إثر استخدام النظام للعنف المفرط في مواجهة الثورة، وما تبع ذلك من موجات نزوح وتهجير ولجوء إلى الخارج.
وبحسب الدراسة فإن عدد السوريين حالياً يزيد عن 26 مليون نسمة، موزعين داخل البلاد (16 مليوناً) وخارجها (9 ملايين)، إضافة إلى مليون بين مفقود وقتيل.
وفي الوقت ذاته أشار المركز إلى أن "الأرقام الإحصائية لتعداد السكان لا تعكس تداخل سورية الواقع على نحو دقيق، كونها لا تأخذ بالاعتبار تداعيات النزاع والكوارث والأوبئة على معدل النمو، ولم تتم عبر آليات واضحة لفرق إحصاء ميدانية".
ويقيم داخل سوريا -بحسب الدراسة- 16 مليوناً و475 ألف نسمة، 9.4 مليون منهم في المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، و3 ملايين و50 ألفاً في مناطق نفوذ "قسد"، و4 ملايين و25 ألفاً في الجزء الشمال الغربي الخاضع لسيطرة الفصائل الثورية، إضافة إلى 55 ألف شخص يقميون في منطقة "التنف"، فيما يبلغ عدد المقيمين في دول اللجوء 10 ملايين و65 ألفاً.
وتطرقت الدراسة إلى أسباب الهجرة التي شهدتها سوريا بعد عام 2011، حيث جاء البحث عن الأمان والخوف من الاعتقال في مقدمتها، إضافة إلى الهرب من الجوع والحصار الذي مارسته قوات النظام، والخشية من التجنيد الإجباري، والبحث عن سبل عيش أفضل، والحفاظ على رأس المال بالنسبة لرجال الأعمال.
وتناولت الدراسة أيضاً، آثار التغيير السكاني على مستقبل سوريا، والتي تتمثل بتغيير الخريطة الديمغرافية للبلاد، وتغير النمو السكاني، وخسارة العقول ورؤوس الأموال، إضافة إلى عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي.
وحول المصادر التي اعتمدت عليها الدراسة في الوصول إلى هذه النتائج، قال الباحث في مركز جسور للدراسات وأحد المشاركين في إعداد البحث "عبد الوهاب عاصي" إنه تم الاستناد إلى مصادر الأمم المتحدة بالدرجة الأولى، مع الأخذ بعين الاعتبار وجود عدد كبير غير مسجلين لديها.
وأوضح "عاصي" في حديث لـ"نداء بوست" أنه لم يتم الاعتماد على المصادر الحكومية الرسمية للدول التي هاجر إليها السوريون، نظراً لتباين المعلومات وذلك بقصد إمّا الحصول على مزيد من الدعم نتيجة استنزاف البنية التحتية، أو للتخفيف من استياء السكان المحليين، أو لعدم وجود قدرة وربّما اهتمام على تنظيم ومعالجة بيانات اللاجئين.
وأما الأرقام التقديرية لعدد السوريين داخل سوريا في مناطق الشمال الغربي والشمال الشرقي، فمصدرها منظمات محلية غير حكومية، بحسب محدثنا الذي أشار أيضاً إلى أنه لم يتم الاعتماد على المصادر الرسمية الحكومية في مناطق سيطرة النظام والتي تُشير إلى تواجد أكثر من 16 مليون شخص في سورية حتى عام 2019.
ونوه "عاصي" إلى أن استمرار الأزمة الاقتصادية في مناطق سيطرة النظام قد يدفع مرة أخرى إلى موجة هجرة جديدة من البلاد، سواءً باللجوء إلى دول خارجها أو النزوح إلى مناطق سيطرة الفصائل الثورية و"قسد"، مشيراً إلى أن الأمر ذاته ينطبق على المقيمين في محافظة إدلب الذين قد يضطروا للهجرة نحو تركيا وأوروبا في حال تعرضت مناطقهم لهجوم عسكري جديد.
جدير بالذكر أن سوريا شهدت خلال السنوات العشر الماضية موجات هجرة كبيرة، بسبب العمليات العسكرية التي نفذها النظام وحلفائه، كانت أبزرها في عام 2015، بعد تدخل روسيا عسكرياً، وفتح تركيا الحدود أمام الراغبين بالتوجه نحو أوروبا.