نداء بوست- محمد جميل خضر- عمّان
في سياقين مختلفين، ولكنهما، على ما يبدو، يدوران في فلك واحد، تركّزت تعليقات الأردنيين ومنشوراتهم خلال الأيام الماضية، وصولاً إلى غضبهم وحنقهم الكبير.
السياق الأول هو التضييق على مراكز تحفيظ القرآن وعموم المراكز الإسلامية، الذي واجهه الناشطون في الأردن بحملة وصلت حدود (الترند)، وتبناها الناس في مختلف نواحي الأردن.
أما السياق الثاني فهو المقارنة بين التضييق الذي تتعرض له مراكز تحفيظ القرآن، مقابل التسهيلات التي منحت للفنان المصري محمد رمضان ليقيم حفلاً في مدينة العقبة الساحلية جنوب الأردن قيل فيها، تلك الحفلة، ما قيل، وقوبلت بحملة أكثر شراسة من مسألة التضييق على مراكز التحفيظ. أما الناشطون الأكثر تأثيراً وبلاغة، فهم أولئك الذين ربطوا بين القصتيْن، وتعجبوا كيف يجري التضييق في حالة كتاب الله، ويجري، بالمقابل، التسهيل والرقص و(التشليح) في حالة حفل لفنان لا يُعرف في بلده مصر بوصفه مغنياً، ويأتي الأردن متقمصاً هذا الثوب، ولكن بدون أن يرتدي أي ثوب.
في سياق مراكز تحفيظ القرآن وما تتعرضت له من تضييق، أطلق ناشطون حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبّروا فيها عن رفضهم الشروط التي فرضتها الحكومة على مراكز تحفيظ القرآن الكريم والمراكز الإسلامية، وذلك من خلال تقليص ساعات دوام نادي الطفل القرآني الذي يعد بديلاً لمراكز الـ”KG1، وKG2″، إضافة إلى فرض شرط التفرّغ لمدير المركز القرآني، وإخضاع المدرسين للفحص من وزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية.
ناشطون ومقربون من تلك الجمعيات رأوا في هذه الشروط تعجيزاً يرمي إلى ما وراءه، كونها جمعيات تطوعية، تقريباً، وتقوم بدور كبير في تربية النشء وتحفيظ القرآن الكريم.
بدوره، قال النائب حسن الرياطي: إن النظام الذي وضعته وزارة الأوقاف وأقره مجلس الوزراء مؤخراً جاء للتضييق على عمل جمعيات تحفيظ القرآن الكريم من خلال الشروط التي وردت فيه.
وأضاف الرياطي في تصريحات صحفية للإعلام المحلي أن هناك نحو (1500) مركز قرآني منتشر في مختلف أنحاء المملكة، ومن ضمن الشروط أن يكون المدير متفرغاً إضافة إلى شروط أخرى، والسؤال: “هل تستطيع الحكومة نفسها في الظروف الحالية، وفي أي ظروف تعيين 1500 مدير متفرغ دفعة واحدة؟!”.
وبيّن الرياطي أن النظام تضمن أيضاً توحيد الحسابات البنكية وعدم الصرف إلا من خلال المركز الرئيس، وهذا يعد معيقاً للعمل، إضافة إلى منع ممارسة أي نشاط إلا بالحصول على موافقة وزارة الأوقاف.
مدير أحد المراكز، (فضّل عدم ذكر اسمه خشية تضرر المركز الذي يديره)، قال: إنه فوجئ بإقرار النظام الجديد رغم أن الوزارة كانت تقوم بجولات تفتيشية على المراكز ولم تسجّل أية مخالفة إدارية أو مالية.
وأضاف أن النظام الجديد ألزم الجمعية بدوام ثلاثة أيام بالأسبوع لنادي الطفل القرآني، وهو ما يرى فيه قراراً غير مباشر بالإغلاق نظراً لعدم موافقة وليّ الأمر على دوام الطالب ثلاثة أيام بالأسبوع.
ولفت إلى أن النظام سيتبعه أيضاً تعليمات تصدر من خلال الوزير أو موظفي الوزارة حول آلية عمل المراكز ومنع أي نشاط إلا بعد الحصول على موافقة الوزير، وإلزام المراكز بأن يكون المدير متفرغاً ومجازاً وعدم تعيين المدرسين إلا بعد إجراء امتحان لهم من قبل الوزارة أيضاً.
المهندسة غدير العوضي كتبت عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك: “ما أصعب أن يُضيّق على دين الله، وما أقسى أن يكون أبناء الإسلام هم الذين يقومون بذلك وإن اختلفت دعاواهم وتبريراتهم!! جمعية المحافظة على القرآن الكريم التي تُخرّج الآلاف من الحفظة، وتحفظ القيم وتضم آلالاف من العاملين ومئات الآلاف من الروّاد، بدلاً من أن تُكرّم يتم التضييق عليها!”.
وقال الناشط علي الرفاعي: “يتم الآن هدم أفضل صرح تعليمي في الأردن، هذه الجمعيات تخرج أجيالاً حافظة لعدة أجزاء من القرآن وبمستوى تعليمي عال ومتقدم مقارنة برياض الأطفال”.
وتساءل الناشط عامر القضاة: “لمصلحة من يتم إيقاف تدريس العلوم الشرعية في مراكز جمعية المحافظة على القرآن الكريم وقد شهد لها القاصي والداني بالكفاءة والتميز والاتقان وأدت دوراً مشهوداً في نشر العلوم الشرعية والتثقيف الشرعي على امتداد رقعة الوطن؟”.
أما السياق الثاني، حفل المصري محمد رمضان، فهو ما سوف نخصص له تقريراً مستقلاً مفصلاً.